السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي مشكلة تشغلني كثيرا، أهلي يميزون أخي بشكل دائم، ولا يثقون بي، وعندما خطب أخي كانوا معه في كل خطوة، ويقولون: إنه يعرف ما يريد ويفهم ترتيبات حياته، وأنت إنسان فارغ لا تعلم كيف ترتب حياتك، ولست رجلا مسؤولا، ونطلب من الله أن يعيننا عليك.
لا أستطيع التحدث معهم، وفكرة أن أخي أفضل مني تلازمني دائما، وأنهم يرون بأني أقل منه، وأني غير جيد، ولا يثقون بي، وينتظرون أي شيء سيئ مني.
أهلي لا يرون الأمور الجيدة التي أقوم بها، ولا يعطوني فرصة للدفاع عن نفسي، وأفكر دائما بأنهم لا يحبونني كحبهم لأخي، ويظنون أنني أمثل التعب والعتب من أجل لفت الانتباه.
كنت أتعالج نفسيا منذ سنتين إلى الآن، تعبت من الفكرة، وأريد أن أعيش طبيعيا، خائف من ضياع عمري وأنا أفكر بالناس، وانشغلت عن شخصيتي الحقيقية، أرجو الرد بطريقة تريحني وتفيدني، فأنا أتألم.
شكرا لكم لأن صفحتكم من الصفحات القوية جدا، وعند الاطلاع على أسئلة الناس أجد العديد من المشاكل التي تشبه مشكلتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Falogah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال.
لقد سعدنا جدا بهذا السؤال الذي يدل على وعي ونضج، ولن يضرك بعد ذلك كلام الناس إذا كنت تعرض مشكلتك بهذا الوضوح، وأرجو أن تعلم أن الإنسان إذا كان واثقا في نفسه -وثقة الإنسان بنفسه فرع عن ثقته في ربه- فلن يبالي بكلام أحد من الناس، ونوصيك بالتوكل على الله، وكثرة الدعاء واللجوء إليه، ولن يضرك بعد ذلك رأي الآخرين، ونسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب.
وطبعا نحن كنا نتمنى أن يتواصلوا معنا حتى يسمعوا التوجيهات، ولكن لأنك بهذا العقل وهذا الوعي وهذا النضج؛ أرجو ألا تعطي الأمور أكبر من حجمها، واعلم أن الإنسان يجبر الناس على احترامه بسلوكه وعقله وفكره وصدقه، فاجتهد دائما في أن تؤسس حياتك، كن عصاميا، ابن حياتك على أسس صحيحة وواضحة، واستعن بالعقلاء من الأخوال والأعمام والعمات حتى يوضحوا الفكرة التي عندك.
والذي يحصل من الأسرة غير صحيح، ونحن لا نوافق الوالدين، ودائما نطالبهم بأن يعدلوا بين أبنائهم؛ لأن هذا هو توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم)، لكن لو فرضنا أن هذا لم يحدث، فإن الأبناء عليهم أن يقوموا بما عليهم من البر والإحسان، لأن البر عبادة لله تبارك وتعالى، وكذلك الاحترام لإخوانك الكبار، والشفقة على إخوانك الصغار.
نريد أن تثبت بتصرفاتك أنك عاقل، وأنك تسير في الطريق الصحيح، حتى لو أخطا الآخرون، بلا شك نحن نتمنى أن ينصفوك، وأن يقفوا معك، وأن يقيموا قدراتك، وأن يثقوا فيك، هذا كله نتمناه، لكن إذا كان هذا لم يحدث منهم فنحن نؤكد لك أنك ستجد من الأصدقاء والخبراء والأساتذة والآخرين في الحياة من يعينك على النجاحات، ونحن أول من نقف في صفك، وأعجبتنا هذه الكلمات والإشارات التي ذكرتها، واضح فيها أنك عاقل، وأنك ناضج، وأنك تعي ما تقول.
ولذلك أرجو أن ترتفع فوق هذا، وأن لا تعطي للشيطان فرصة، لأن هم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، الشيطان يأتي فيقول: (فضلوا هذا عليك، وفضلوا هذا عليك، ووقفوا مع هذا ولم يقفوا معك)، لا تتماد مع هذه الأفكار السالبة حتى ولو كانت حاصلة، وأشغل نفسك بالمفيد، واعلم أن هذه الدنيا واسعة لمن يطيع الله تبارك وتعالى، والإنسان أحيانا قد يفقد شيئا في بيته لكنه يجده عند أصدقاء صالحين، وقد يعاني من بعض الأشياء لكن الله تعالى يفتح عليه أبوابا أخرى، فكن مع الله ولا تبال.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يعينك على البر، ونسأله تبارك وتعالى أن يهدي الأهل أيضا حتى يعرفوا قدرك ويعرفوا قيمتك وينصفوك، ونؤكد لك أنهم يحبونك؛ لكن هذه الأشياء أحيانا تحدث، ليس عندك وحدك، فكثير من الشباب يشكون من مثل هذه الأمور، ونسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب، ولعل أيضا المرحلة العمرية التي يمر فيها الإنسان أيضا لها أثر ولها علاقة، وأحيانا الوالدان يظنان أن الولد حتى لو كبر لا يزال صغيرا، ولا يزال كذا، فاصبر على هذا، ونسأل الله أن يعينك على كل أمر يرضيه.
إذا:
- إصلاح ما بينك وبين الله.
- اجتهد في الدعاء.
- كن بارا بوالديك.
- قم بما عليك تجاه الجميع؛ لأن هذا هو الذي يسألك الله عنه، وإذا قصروا يسألهم الله عن هذا التقصير.
- اجتهد دائما في أن تطور مهاراتك وتطور ما عندك من هوايات، وتشغل نفسك بالمفيد، وابحث عن أصدقاء أخيار، يذكرونك بالله إذا نسيت، ويعينونك على طاعة الله إن ذكرت.
وستعلم أهلك وستثبت لهم مع الأيام بأعمالك ومواقفك خلاف ما استقر في عقولهم، وعندها ستسعد ويسعدون بك، ونسأل الله أن يرفعك عنده درجات، وأن يوفقك لما يحب ربنا ويرضاه.