ابنتي مصابة بالتوحد ولا أجد المال لعلاجها، فماذا أفعل؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا أم لثلاث بنات، أكبرهن عمرها ثلاث سنوات، ومصابة بالتوحد، ونحن لاجئون في بلد آخر، وابنتي ليس لديها حقوق العلاج، وليس لدينا الإمكانية لعلاجها -اللهم ارزقنا الصبر-.

هل هذه عقوبة لذنب ارتكبته، أم ابتلاء ليختبر الله صبري وإيماني؟ في لحظات ضعف أقول: لماذا ابنتي مريضة، وكل الأطفال طبيعيون؟ وأنا في غربة ليس لدي أهل، ولا مال.

أدعو على نفسي وأولادي بالموت لعلي أسمع صوت ابنتي وهي تتحدث!

أريد نصيحة ودعاء لابنتي بالشفاء.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لكم فرجا ومخرجا، وييسر لكم الأمور، ويقضي لكم الحاجات، وأن يلطف بنا وبكم.

ثانيا: اعلمي -أيتها البنت الكريمة- أن الله سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا، وهو أعلم بمصالحنا منا، وهو اللطيف الخبير، وقد قال سبحانه وتعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

فينبغي للمؤمن أن ينتبه لهذا الجانب في عقيدته وإيمانه، وأن يعزز ويقوي هذه العقيدة في قلبه، وأن يغرس في قلبه المعرفة بالمولى سبحانه وتعالى.

فإن معرفة الله تعالى سبب لكل خير، فالإيمان بالله تعالى وبقضائه وقدره وبلطفه يفتح أمام الإنسان المؤمن أبواب الرضا والسعادة، ولهذا واسانا الله تعالى وعزانا في كتابه الكريم، إذا أصبنا بمصيبة بأن نؤمن بأن الله تعالى هو الذي قدرها وكتبها قبل أن نخلق، فقال سبحانه: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ۚ إن ذٰلك على الله يسير* لكيلا تأسوا علىٰ ما فاتكم).

فالإيمان بالقضاء والقدر -أيتها البنت الكريمة- جنة الله تعالى العاجلة للإنسان المؤمن في هذه الدنيا، ومن إيمانه بالقضاء والقدر أن يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق هذه المقادير، وبمشيئته حصلت، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الله تعالى هو البر الرحيم، وهو الودود اللطيف الخبير، ولا يفعل شيئا سدى، إنما يفعل كل شيء لحكمة، فله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة في ما يقدره على الإنسان من المكاره، وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن البلاء ينزل على الإنسان بقدر إيمانه، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "يبتلى الناس على قدر دينهم".

وقال: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل"، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا مرض يتألم بمرضه بما يتألم به رجلان من غيره، وقال: "إني أوعك كما يوعك رجلان منكم"، فكل هذا يبين لك أن شدة المصائب وقساوة الامتحان الذي يقع فيه الإنسان، إنما يقدره الله تعالى لحكمة بالغة، هي في مصلحة هذا الإنسان إذا قابل ذلك بالرضا والتسليم.

واعلمي أن هذه الحياة التي نعيشها ما هي إلا مرحلة قصيرة جدا من حياتنا الطويلة، وهي أقصر مراحل حياتنا، والحياة الحقيقية تبدأ بالموت، وهناك ينال الناس جزاء أعمالهم، والصابرون هم أسعد الناس؛ لأنهم يوفون ثوابهم بلا حساب كما قال الله عز وجل: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).

فاظفري أنت بهذا الثواب، وثبتي قلبك على الصبر والرضا بقضاء الله تعالى وقدره.

واعلمي أن الله تعالى قدر عليك ما قدر ليضاعف لك الأجور، وليعد لك النزل الكريم، والضيافة التي تستحقينها، واعلمي بأن الحياة قريبا ستنتهي فلا داعي لأن تستعجلي أنت الدعاء بالموت، بعد ارتكاب لما نهى الله عنه، أحسني ظنك بالله، وخذي بما تقدرين عليه من الأسباب في هذه الحياة، وفوضي الأمور إلى الله تعالى، فهو المدبر لأمور خلقه.

وأنت ترين أن أولياء الله وأحبابه تدمر عليهم بيوتهم، وتقصف مساجدهم، وتهان مقدساتهم، وأعداء الله من الكافرين والظالمين يتنعمون ويتقلبون في النعيم، فهذا هو من أداء الامتحان والاختبار.

نسأل الله أن يثبتنا جميعا على دينه حتى نلقاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات