السؤال
أنا شاب عمري 17 سنة، والحمد لله -سبحانه وتعالى- تاب الله علي منذ فترة، وأصبحت ملتزما بديني وتبت، لكن كان لدي عادة قبيحة بأني أتشبه بالنساء، وأكلم الفتيات والشباب بصيغة الفتاة، وأنا نادم أشد الندم على ما فعلته، لكن هنالك أشخاص تعلقوا بي كثيرا، وهذا يعتبر من الظلم، فكيف أتخلص من هذا الظلم وأتحلل منهم؟ هل أطلب منهم السماح بصيغة الفتاة أم أخبرهم بأني شاب؟
أرجوكم ساعدوني، لا أريد أن أظلم أحدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ريان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنرحب بك -ابننا- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وعلى ثقتك بهذا الموقع.
بني: إن الذي يهمني أكثر هو أنت وليس الآخرون، احمد الله تعالى على أنك غيرت من سلوكك الماضي، والآن أصبحت ملتزما ولله الحمد.
بني: قبل أن تفكر كيف تعتذر للآخرين أو تحدثهم، علي أولا أن أؤكد عليك ما وصلت إليه من قناعة ومن نتيجة من أنك تتصرف كشاب رجل -بإذن الله عز وجل- وأنت غير محتاج إلى أن تعتذر، أو تبرر للآخرين أخطاءك أو سلوكياتك السابقة.
الأمر الأهم عندي هو أنك تعيش كرجل، وتتكلم كرجل، وتتصرف كرجل، وترتدي لباس الرجال، وتعيش حياتك كاملة كرجل، ودع الآخرين يلاحظون أنك بهذه الصفات الرجولية، ولكن إن تحدث معك أحد، أو حاول أن يعيدك إلى ما كنت عليه، فهنا عليك أن تتخذ قرارا بتجنب هذا الشخص، وخاصة إن كرر معك مثل هذه التصرفات.
بني: أحيانا نحتاج إلى أن نختار الأصدقاء الذين يعززوننا عندما التزمنا وقربنا من الله -عز وجل-، ويعززون عندنا هويتنا التي خلقنا الله تعالى عليها، وفرط فيها البعض، أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك ويعينك ويثبتك.
_________________
انتهت إجابة د. مأمون مبيض، استشاري الطب النفسي، وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي، المستشار التربوي والشرعي.
______________________
مرحبا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونهنئك بالعودة إلى الحق والخير والصواب.
ينبغي أن تجعل هدفك إرضاء الله، ولا تبال بكلام الناس أو بنظرتهم إليك، واعلم أن رضا الناس غاية لا تدرك، وأظهر ما نبهك إليه الدكتور من معالم الرجولة في زيك وكلامك ومشيك وسائر حركاتك، واعلم أن هذا الذي يشاهده الناس هو الذي يؤثر على القناعات التي عندهم، وسيعود الذام لك مادحا، وسيعود الذي كان يظن أن فيك نعومة يوقن أنك أصبحت رجلا؛ لأن الناس يتأثرون بما عليه حال الإنسان.
فقم بما عليك من التشبه بكرام الرجال، وبرسولنا وصحبه الكرام - عليهم من الله الرضوان - واجعل لنفسك قدوة فيهم، واحرص دائما على أن تتصرف تصرف الأبطال، وإذا حصل منك هذا فإنه سيأتيك من يريد لك الخير.
وإذا جاءك شياطين الإنس أو الجن فوسوسوا لك لترجع، أو جاء الشيطان ليوصلك إلى الإحباط، كأن يقول لك: (ما في فائدة، الناس عرفوا، وأنت كذا مهما فعلت) فلا تلتفت لهذا، واعلم أن ربنا العظيم يقول: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا}، وعداوة الإنسان للشيطان لا تتحقق إلا بطاعة الرحمن.
فاحرص على أن تبرز - كما أشرنا - معالم الرجولة، والجدية، والخير، والالتزام، والتمسك بهذا الدين؛ لأن هذا هو السبيل الأقصر والأصح والوحيد لتغيير الصورة التي يأخذها الناس عنك.
وعليك أيضا أن تجتهد في أن تجعل همك إرضاء الله، واعلم أن الله إذا رضي عن الإنسان أرضى عنه خلقه، {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} محبة في قلوب الخلق، واسأل الله أن يحببك إلى الناس، وأن يحبب إليك الصالحين منهم.
ولست مطالبا بأن تعترف بما حصل منك من الخطأ، الإنسان مطالب بأن يستر على نفسه، وأن يستر على غيره، واجتهد في الابتعاد عن تلك المواقع؛ لأننا نخشى أن تعود أو يجرك الحنين؛ فالإنسان التائب نحن لا نريده أن يعود إلى الذنب أو إلى أهل الذنوب الذين كانوا معه، أو يحوم حول الحمى، فإنه يوشك أن يقع فيه، وفي حديث قاتل المائة، قال له العالم: (ولكنك بأرض سوء) أمره أن ينتقل من أرضه إلى أرض فيها من يعينه على الطاعة: (فإن بها أقواما يعبدون الله تبارك وتعالى فاعبد الله تبارك وتعالى معهم).
فعليك أن تغير المواقع المشبوهة، وتبتعد عن مواطن الخطأ والخلل، وتصحح كل خطأ عندك؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات، وهذا من توفيق الله للإنسان بعد أن يتوب عليه، أن يكون بعد التوبة أفضل وأحسن.
فنسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى، واعلم أن ثقة الناس يصنعها الإنسان بتصرفاته والتزامه بآداب الأخلاق وحرصه على المروءة، ورعايته للصدق والأمانة، إلى غير ذلك من الأخلاق التي هي هدي لرسولنا الذي بعثه العظيم متمما لمكارم الأخلاق، ثم مدحه فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.