السؤال
السلام عليكم
أنا الابن الأكبر، لدي أختان أصغر مني، والداي لم يساعدانني في أي شيء من مصاريف الدراسة؛ مما ألجأني للعمل أثناء دراستي.
أختي الصغرى عندما تزوجت، بالغ والداي في تجهيزها، واشتروا لها أكثر من المعتاد، كالثلاجة، والتلفاز، وغير ذلك، بينما أنا في كل مراحلي الدراسية -حتى الجامعية- لم أطلب منهما سوى جهاز لاب توب من أجل الدراسة، وكان والدي يرفض طلبي بحجة عدم توفر المال الكافي، وبحجة أن أختي بحاجة لتجهيزها من أجل الزواج، فاضطررت لشراء اللاب توب من مالي الخاص.
لقد أنهيت دراستي -بفضل الله-، وتوظفت، ولم يعطوني شيئا، بينما أختي الثانية عندما تخرجت أهدى لها والداي هاتف آيفون جديدا، مع العلم أني كنت الأكثر تفوقا بينهم.
لقد تقدمت لخطبة فتاة، ولكنني لا أمتلك شقة، لذلك سأسكن في شقة بالإيجار، ولن أستطيع فرش شقتي بالكامل، فأنا أشعر بالظلم الشديد، وقد قاطعتهما منذ فترة، فهل يحق لي ذلك؟ وما توجيهكم لي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، وشكرا لك على هذا السؤال، ونهنئك على التفوق، وتلك نعمة من الكبير المتعال -سبحانه وتعالى-، نسأل الله أن يجعلنا وإياك من إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر.
أرجو أن تتفهم ما يحصل؛ فإن في مجتمعاتنا وبيئاتنا العربية كل من فيها يعمل من أجل الأخوات، ومن أجل إسعاد الأخوات، والأسرة تعلن حالة الطوارئ حتى تتهيأ البنات للدخول إلى بيوتهن، وأنت أيضا ينبغي أن تشعر بالفرح والفخر بهذا، وليس معنى هذا أننا نؤيد ما يحصل من والديك، ولكننا ننتظر منك أن تكون -إن شاء الله- أكثر نجاحا، وتوفيقا، وننتظر من الوالدين أيضا أن يقوما بالوقوف معك.
على كل حال فأنت أكبر من هذه الأمور، ولا نريد منك أن تقاطعهما، ولا أن تتخذ موقفا سلبيا تجاههما، بل قم بما عليك من البر؛ فإن هذا هو الذي سيسألك الله عنه، والإنسان عليه أن يقوم بما عليه من البر، غير ملتفت لما يحصل من التقصير، وخاصة عندما يكون التقصير من الوالدين، نسأل الله أن يرزقك رضاهما.
أرجو أن لا تعاملهما معاملة الزملاء؛ فالوالد يظل والدا له حقوق عظيمة، والوالدة لها حقوقها العظيمة، والجنة تحت أقدام الأمهات، فأرجو أن لا تجعل تقصيرهما في حقك يقابل منك بالتقصير؛ لأن المحاسب هو السميع البصير. وإذا علم الإنسان أن البر بالوالدين عبادة، وفرض فرضه الله تبارك وتعالى، فإن ذلك يعينه على أن يصبر على الصعوبة، ويصبر على ما يراه إجحافا وتقصيرا في حقه، لأنه يرغب فيما عند الله.
نتمنى مرة أخرى من العقلاء أمثالك أن يكونوا أكبر من ذلك، وأن يبذلوا الفرح لأخواتهم، ولا مانع من المطالبة بالاحتياجات، ولكن باختيار الوقت المناسب، ودون إلحاح، فإن فعلوا فبها ونعمت، وإن لم يفعلوا فنسأل الله أن يغنيك من فضله، وأن يوفقك لما يحبه ربنا ويرضاه.
والله الموفق.