السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أعاني من مشاكل في نفسي وأريد لها حلا.
أنا كثيرا ما أراقب نفسي وتصرفاتي أمام الناس، وبعد كل اجتماع أحاول تفسير وتحليل وتقييم نفسي مما يتعبني كثيرا، وكل هذا لأجل الوصول إلى شخصية مميزة في نظري.
وكلما رأيت شخصية أعجبتني حاولت تقمصها!
الشيء الآخر هو عدم ثقتي بنفسي، فأنا فتاة -ولله الحمد- حسنة الوجه والمظهر، مع شهادة كثير من الفتيات، لكن إلى الآن لا أثق في جمالي ولا في حسني، بل دائمآ أرى أني لست جميلة، وكل من يمدحني يشفق علي أو أنه يجاملني!.
شخصيتي أتعبتني، فأنا أحيانا أكون مستهترة جدا، وأحيانا عكس ذلك، فما الحل؟
وكذلك أنا فاشلة دراسيا! وذلك يسبب لي ألما كبيرا في نفسي، فأنا ـ ولله الحمد ـ أحب العلم والقراءة والتثقف، لكن مشكلتي هي جهلي بتحديد هدفي وطموحي وميولي، فدائما ما أتذبذب بين الأدب والسياسة والرسم وغيرها، فليس لي طريق واضح!.
أعتقد أني لم أفهم نفسيتي أبدا، فهل تساعدونني على تحديد شخصيتي، للعلم، الكثير ممن هم أكبر مني سنا يشيدون بذكائي الخارق! الذي لا أحس بوجوده أبدا!.
وأيضا أحس بالغيرة من قريبة لنا، وأرى أنها أفضل مني بكثير، وأنا أعلم في داخلي أني ربما أفضل منها، لكن ليس بيدي هذا الشعور، ويتغير لوني عند ذكر محاسنها وحب الناس لها، لكن ما يغضبني هو أن أمي كانت سببا في كرهي لها، لأنها تقارنني بها دائما.
أعتقد أني أطلت الرسالة، وكتابتي -بكثرتها وتداخلها وعدم تنظيمها- تعكس لكم ما في داخلي، فهل من حل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Reem حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرجو أن أؤكد لك أن رسالتك منظمة جدا ومرتبة جدا، ولا يوجد فيها أبدا ما يعكس أن شخصيتك غير مرتبة، هذا الشعور الذي يأتيك من عدم الثقة في نفسك، وأنك تشعرين بالغيرة من قريبة لك، وأنك لا تقدرين قيمة نفسك، هو حقيقة دليل على علة في شخصيتك، وفي الغالب شخصيتك من النوع الحساس والمرهف، كما أنك تعانين مما يعرف بالتمركز السلبي نحو الذات، أنت تنظرين إلى العالم بصورة وتنظرين إلى نفسك بصورة مختلفة، أرجو أن تأخذي الأمور بالتطبيق العملي وليس بالأفكار السلبية.
أنت -الحمد لله- الآن طالبة وجيدة في دراستك، ويمكن أن تكوني أفضل، كيف لا يوجد لديك هدف وأنت في مرحلة الدراسة؟! الدراسة في حد ذاتها هدف، وهي هدف سام، ولكن لابد من أن تلجئي إلى آليات التميز وآليات التفوق، وهي الاجتهاد والمزيد من الاجتهاد.
أرجو ألا تعتمدي كثيرا على أحكام الناس عليك، أنت تقولين أن الجميع معجب بك ولكنك أنت غير معجبة بذاتك، إذن تخلي عن ما يعتقده الآخرين، تخلي عنه تماما، وانظري إلى نفسك فقط من الناحية الإيجابية أكثر، هذا التمركز وهذا التقوقع حول الذات هو الذي أضر بك، الجئي إلى أفعال – كما ذكرت لك - الدراسة هي أهمها.
ثانيا: يمكنك أن تنضمي إلى النشاطات الطلابية والجماعات الموجودة في الجامعة، ومن خلالها تستطيعي أن تنطلقي وتفجري طاقاتك، هذا سوف يقلل من تفكيرك السلبي نحو ذاتك.
أما بالنسبة للغيرة فهي أمر بغيض، وعلى الإنسان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومثل هذه الغيرة تحدث بين البنات في هذه السن، وهو في نظري شيء مؤقت، ولكن عليك أن تلجئي إلى قيم التسامح وقيم الثقة بالنفس وقيم حب الآخرين، هذه هي التي سوف تقلل من هذه الغيرة.
بجانب ما ذكرته لك، ربما تكون شخصيتك أيضا تعاني من شيء من تقلب المزاج أو عدم استقرار المزاج، وعدم استقرار المزاج إذا كان بالشدة الشديدة، فهنا ننصح بتناول بعض الأدوية التي تحسن المزاج أو تثبت المزاج، من هذه الأدوية العقار الذي يعرف باسم دباكين كرونو، وجرعته هي 500 مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر.
لكن بصراحة لا أرى أنك في حاجة لأي علاج دوائي، أنت محتاجة فقط أن تقبلي نفسك، وأن لا تراقبي الآخرين كثيرا، وأن تركزي على دراستك، هذا هو الذي أراه، وإن شاء الله سوف تكون شخصيتك أكثر نضوجا وأكثر استقرارا بمرور الزمن.
وبالله التوفيق.