السؤال
عندي سؤال حول دعاء الأم، لقد علمت أمي مؤخرا أني مدخن، وجعلتني من باب حرصها علي وتخويفي أن أحلف على القرآن بأني لن أدخن مرة أخرى، ما دمت أسكن في المنزل.
أنتم تعلمون مشكلة الدخان، ولا تزول المشكلة بين يوم وليلة، ولا أستطيع المقاومة، فقلت لأمي إني سأدفع كفارة اليمين؛ لأني لا أستطيع، ولم أدخن بعد، ولكن قلتها قبل حتى لا أفعلها، وهي لا تعلم، فقالت لي ودعت: إن شاء الله إذا دخنت سيجارة واحدة، أو أي شيء من هذا القبيل تصاب بالشلل، وأدعية من هذا القبيل! لا أعلم ما إذا كانت هذه ساعة استجابة أم لا؟ ولا أعلم ماذا أفعل؟ إذ أن التوقف عن التدخين لا يحدث هكذا، وإنما يحتاج برنامجا كاملا من التخفيف التدريجي، ولا أستطيع المقاومة!
لقد مرت ٣ أيام على هذه الحادثة وأنا لم أدخن بعد، ولكن مزاجي وصحتي يصيبهم التقلب، وأشعر بضيق صدر كبير، فهل يستجاب دعاء الوالدة إذا دفعت الكفارة ودخنت؟
أنا لا أريد البوح لها؛ لأني أخاف من عقوق الوالدين، وفي نفس الوقت لا أقوى على شرطها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يرزقك بر هذه الوالدة، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على طاعتها، وهنيئا لك بهذه الأم الحريصة على كل ما يرضي الله -تبارك وتعالى-. وإذا كان حلف الوالدة فيه دعوة إلى الخير فأرجو الاستجابة، ولا مانع من أن تكلمها بأنك تواجه صعوبات، وتطلب منها المساعدة، تطلب منها تفهم هذا الأمر.
نحن لا نؤيد العودة إلى التدخين؛ لأن الضرر فيه كبير، والأخطار عليك كبيرة، والوالدة إذا أمرت بأمر فيه طاعة لله؛ فإن الأمر لا بد أن يتحقق؛ لأن الأمر أصلا -أمر التدخين- لا يرضي الله، والوالدة حلفت عليك، وأنت حلفت على أمر لتطيع الوالدة وترضيها، والعظيم ربط بر الوالدين بطاعته، وسخطه في سخطهما، فحذار أن تغضب منك الوالدة!
أما مسألة البرنامج التدريجي فأرجو أن تتفاهم مع الوالدة، اطلب منها أيضا أن تدعو الله أن يسهل عليك الأمر، ويمكن بعد ذلك أن تتفاهم معها في بقية الأمور، إذا كنت فعلا قد وصلت إلى مرحلة تحتاج فيها إلى مقابلة طبيب مختص، يعينك على مكافحة التدخين وترك التدخين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على بر هذه الوالدة.
أما أن تدفع الكفارة فهذا لا يصلح، أو إذا دفعت أنت فيجب أن تعلمها، لكن من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، يعني أيضا في مسألة الحلف أيضا إذا حلف الإنسان على طاعة يفعلها، أما إذا حلف على معصية فما ينبغي أن يفعل المعصية.
لذلك نتمنى أن تثبت على ترك التدخين، وسعدنا لخوفك من عقوق الوالدين، ونذكرك بأن هذه المخالفة فيها عقوق للوالدين، وفيها غضب لله -تبارك وتعالى- واستعن بالله، والتزم بشرطها، واقترب منها، واطلب منها أيضا أن تدعو لك بالخير، ونحن حقيقة لا نشجع الأم على مثل هذا الدعاء؛ لأن هذا فيه نهي من الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم)، لأنه قد يصادف ساعة يعطى فيها العطاء فتحصل الندامة، وأول من يبكي ويتأثر ويضعف هي الأم.
لذلك ينبغي أيضا أن تذكرها بهذا النهي الشرعي، وتطلب منها أيضا أن تكثر لك من الدعاء بطول العمر والصحة والعافية والنجاح، يعني: تستبدل هذا الدعاء بأدعية في الخير.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يعينك على ترك كل ما يغضب الله، وفعل ما يرضي الله -تبارك وتعالى- واعلم أن هذه الوالدة موفقة، ورضاها سيكون أيضا من أوسع الأبواب إلى رضا الله -تبارك وتعالى- لأنها لا تأمرك إلا بخير وبما يرضي الله.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.