الكل يظلمني ويعاملني باحتقار، فهل أقاطعهم؟

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أكتب لكم وقلبي يتحسر على حالي وما صرت عليه، أنا الأخت الكبيرة في أسرتي، وأعاني من كره الناس لي، في العمل بين الزميلات وفي كل مكان، وبين الأهل، أعلم بأنك سوف تتوقع أني سيئة الخلق والطباع، ولكن أشهد الله أنني بريئة، وابتليت بهذا الشيء مؤخرا، والدتي نمامة، وتنشر العداوة بيننا، وتفرق بيني وبين إخوتي في التعامل، حتى دبت بيننا: العداوة، الكراهية، عدم الاحترام، الكلام البذيء، التفرقة، وسوء الأدب، والجميع يعاملونني باحتقار، ولا يقبلون أي نصيحة.

منهم: تارك الصلاة، ومنهم الفاسقة، ومنهم المغتابة، والأم تستعمل بعض الطقوس: كرش الملح، وحرق الأعشاب لجلب العرسان، وأنا أتضايق من هذه الأشياء، والدتي لا تقبل نصيحتي، وتسب أبي دائما وتصفه بالكلب، وإخوتي كذلك ينعتونه بالكلب، وبأبشع الصفات، لا يحترمون زوجي حتى انقطع عن زيارتهم كليا، وبقي خيط رفيع واحد، وأحاول كتمان غضبي حتى أشعر أني سأموت، وقلبي سيتوقف.

إخوتي يقاطعونني وأنا من تبادر إلى زيارتهم، فلا أجد مهم غير الجفاء والنظرات الساخرة، لم أعد أتحمل الوضع، وأريد مقاطعتهم ليتأدبوا معي، لأنهم تعودوا على الأمر، فلا ينفع النصح معهم، ولا يخافون من الله.

استفساري: هل عند مقاطعتهم أعتبر آثمة وارتكب كبيرة من الكبائر؟ وهل هذا عقاب من الله أم أنه ابتلاء؟ وما النصيحة في هذه الحالة؟ فقد خارت قواي وتعبت نفسيتي وانقطع رجائي وتملكني اليأس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ابتسام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، وإنما شفاء العي السؤال، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر، وإذا أذنب استغفر.

واعلمي أن صلة الأرحام تحتاج لكثير من الصبر، ونسيان للجراحات، وتجاوز المرارات حتى تستمر هذه العبادة لله تبارك وتعالى، والإنسان ما ينبغي أن يقطع أرحامه، لكن إذا كان يأتيه منهم الأذى فينبغي أن تظل العلاقة في أدنى درجاتها، وتكون الزيارات خفيفة، ويسأل عنهم إذا مرضوا، ويساعدهم إذا احتاجوا، ويتفقد أحوالهم ولو بالهاتف، يحييهم ويهنئهم في المناسبات، ويجتهد في أن يكف كل شر يأتي، وأن يصبر على الأذى، وإذا لم يصبر الإنسان على أرحامه وعلى أعلى هؤلاء منزلة (الوالدة والوالد) فعلى من يكون الصبر؟ ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب.

وأرجو أن تتذكري الأجر والثواب من الله تبارك وتعالى، بل تذكري قول الرجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله ‌إن ‌لي ‌قرابة ‌أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، هل قال له قاطعهم؟ هل قال له أغلظ عليهم؟ قال له: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)، بشره -عليه صلاة الله وسلامه- بالثواب العظيم عند الله تبارك وتعالى، وإذا تذكر الإنسان لذة الثواب فإنه ينسى ما يجد من الآلام.

وعليك أيضا أن تجتهدي في الإحسان لهذا الزوج، وتبرير ما يحصل بالنسبة له، وكذلك الاقتراب من الأب، ولست مطالبة أن تخبريه أن الوالدة تسبه، أو أن الإخوان يسيئون إليه وينعتونه بأبشع الصفات، لأن المؤمن ما ينبغي أن ينقل إلا الخير، ونسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب، وإذا أحسنت التعامل فهذه رفعة من الله، لأن الصابرين أجرهم وثوابهم مفتوح: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [سورة الزمر:10].

لا نستطيع أن نقول إنه عقاب من الله أو رفعة للدرجات، فإن البلاء ينزل، فقد يكون لبعضهم عقابا من الله، وقد يكون لبعضهم رفعة في الدرجات، ولكن المهم أن ينتفع الإنسان بمثل هذه المواقف بمزيد من الرجوع والاجتهاد والتضرع إلى الله تبارك وتعالى، مصداقا لقوله تعالى: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا} [سورة الأنعام:43]، يعني من المفترض أن يتضرعوا ويقبلوا على ربهم ويدعونه أن يرفع عنهم البلاء والعذاب، {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} [سورة الدخان:12].

نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والثبات.

مواد ذات صلة

الاستشارات