أصبت بفتور في العبادة وفقدت الخشوع، فكيف أعود لما كنت عليه؟

0 17

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بنت بعمر 19 سنة، كنت محافظة على صلاتي، وكان إيماني قويا، أما الآن فأصبت بفتور منذ فترة في جميع عباداتي، وصلاتي أصبحت حركات بدون خشوع، وكأنها روتين أفعله كل يوم.

لا أعرف ماذا فعلت في حق الله كي أصل إلى هذه الدرجة، أتألم أن ألقى الله بهذا القلب الميت كل يوم!

المشكلة أن الأمر يزداد سوءا كل يوم، فهل هذه فترة انتكاس؟

أرجو أن أجد علاجا؛ لأني أتحطم نفسيا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات.
أولا: نحن نهنئك بفضل الله تعالى عليك، وهدايته لك، بأن جعلك تحافظين على الصلوات، وتؤدينها في أوقاتها، وهذه نعمة كبيرة وفضل عظيم قد حرمه أناس كثيرون غيرك، فتفكري جيدا في هذه النعمة، وتفكرك هذا سيدفعك نحو شكر هذه النعمة، ومن شكر هذه النعمة الإحسان في أدائها بقدر الاستطاعة، وشكر الله تعالى عليها بالقلب واللسان، والله تعالى قال: (لئن شكرتم لأزيدنكم).

اعلمي -أيتها البنت العزيزة- أن الإنسان بطبيعته يتقلب وتتغير أحواله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن ‌لكل ‌عمل ‌شرة، ولكل شرة فترة) فلكل عمل يبدأه الإنسان من الأعمال الصالحة تكون له فيه رغبة شديدة، ثم تعقب هذه الرغبة فترة، وكما قال الإمام علي رضي الله تعالى عنه: (إن للقلوب إقبالا وإدبارا) فالقلوب تقبل أحيانا وتدبر أحيانا، ولكن قد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الميزان الذي يعرف الإنسان حاله من السلامة أو الهلاك، ويفرق بين الحال التي يحبها الله، والحال التي يبغضها الله بقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير سنة فقد هلك) فمن أدى به الفتور إلى الانصراف عن أداء الواجبات التي عليه، وارتكاب المحرمات التي حرمها الله تعالى، هذا إن لم يتدارك نفسه بالتوبة فهو على طريق الهلاك.

أما إذا أدى الفتور إلى الاقتصار على الواجبات والتقليل من المستحبات؛ فهذا لا يزال في خير كثير، فلا تدعي للشيطان طريقا ومجالا يصل به إلى قلبك ليغرس فيه الحزن والاكتئاب، وييئسه من منفعة العبادة؛ فإن هذا أقصى ما يتمناه الشيطان، ويريد بذلك التوصل إلى أن يصرفك عن العبادات كلها، احذري من ذلك، واعلمي أن الله -سبحانه وتعالى- رحيم بعباده، لطيف بهم، يختبرهم لا لحاجة إلى العبادة، ولكن ليرى امتثالهم وطاعتهم وحبهم له.

حافظي على صلواتك في أوقاتها، وجاهدي نفسك في الوقت نفسه بإحسان هذه الصلاة، بالتفكر في الثواب الذي أعده الله تعالى للمصلين، فثواب الصلاة كثير في الدنيا وفي الآخرة، وهذا الثواب يتفاوت بتفاوت إحسان الصلاة.

حاولي أن تتعرفي إلى النساء الصالحات والفتيات الطيبات، وتجالسيهن لتستفيدي منهن وتتأثري بهن؛ فإن الإنسان يتأثر بمن حوله، والطباع سراقة، والمرء على دين خليله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

كذلك احرصي على أن تعطي نفسك حظها من الراحة والاستجمام والتنزه المباح؛ فإن في هذه الساعات من الراحة والاستجمام، عون على الساعات التي تليها من الجد والعمل.

وأكثري من دعاء الله تعالى أن يصلح لك دينك ودنياك، وقد أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة إلى هذا النوع من الدعاء، كقوله: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) وقد علمه لمعاذ، قال: (إني لأحبك يا معاذ، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، و (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: اللهم ‌أصلح ‌لي ‌ديني ‌الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر).

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات