السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمري 17 سنة، وفي آخر سنة في الثانوية، محافظة على صلواتي، وأحفظ القرآن -الحمد لله-، وامتحاناتي قريبة، ولم أذاكر إلا قليلا.
لدي مشكلة في التركيز وبطء الاستيعاب، وهناك مشكلة تلازمني دائما، وهي التفكير المفرط وأحلام اليقظة، كثيرا ما أسرح وأتشتت، مثلا في الدرس كتب سؤال للحل، الجميع حلوا السؤال ما عدا أنا، عقلي يتشتت ويتوقف عندما أراه، وكأن هناك أشياء كثيرة في عقلي فلا أستطيع التركيز على شيء محدد بالضبط، ولا أعلم من أين أبدأ، عقلي يصبح مثل الشاشة السوداء.
في بعض الأوقات أريد قول المعلومة أو حل المسألة، وأنا أعلم الحل، ولكن لا أستطيع التعبير، وكل شيء يدخل في بعضه فتطير المعلومة!
ليس لدي رهاب اجتماعي، ولكني لا أستطيع التعبير عندما أتكلم أمام أي أحد، أتلعثم ولا أستطيع إيجاد الكلمات التي تعبر عما أريد قوله فأسكت، مع أني لا أكون متوترة أو قلقة أو خجولة. لدي كذلك بطء بسبب كثرة التفكير، مثلا آخذ وقتا طويلا عند غسل الأطباق وعندما أنتهي أقول: أوه متى انتهيت، لأني غارقة.
لا أستطيع الدراسة إلا عند الاستماع لشيء، مثل صوت البحر أو الأمطار أو القصائد، حتى أنغمس وأقلل من الأفكار التي تراودني، ويمكنني مواجهة الشيطان في ذلك.
حقا أريد الامتياز، ولكن أفعالي غير ذلك، ولا أشعر بالضغط بأن الامتحانات قريبة، وأنا أعلم بأني سأندم ندما مؤلما على هذا الوقت، ولا أستطيع الضغط بقوة على نفسي في المذاكرة لوقت طويل، وأتعب وأجتهد بعدما أبعدت كل المشتتات عني، ومع ذلك لا أستطيع الاستمرار وإكمال المواد، ما الحل؟
جزيتم الجنة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بنية آدم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب.. ونسأل الله لك العافية والشفاء.
الحمد لله تعالى أنت لديك رصيد عظيم وهو حفظ القرآن الكريم، وأنك محافظة على صلواتك وأسأل الله تعالى أن يتقبل منك وأن يزيدك من فضله.
الذي أستطيع أن أقوله هو أن مشكلة عدم التركيز هذه يظهر أن سببها القلق، وليس لديك ما يشير إلى أي أعراض بما يعرف بمتلازمة فرط الحركة وتشتت الانتباه، أعتقد أن القلق النفسي والقلق التوقعي هو الذي جعلك في حالة من التشتت الذهني، وعدم القدرة على التركيز، وتداخل الأفكار.
بحثك نحو التميز في حد ذاته هو شيء طيب وشيء نبيل، لكنه شكل عليك نوعا من الضغط النفسي الذي زاد من القلق والتوتر، ومن ثم زاد لديك التشتت في التركيز، وبعد ذلك دخلت في مرحلة ما نسميه بانخفاض الدافعية، وهذا واضح جدا مما ذكرتيه في نهاية رسالتك، أنك لا تشعرين بالضغط، لأن الامتحانات قريبة، هذا نتج من أن هيمنة القلق الشديدة عليك نتج عنها رد فعل عكسي، وهو تقليل الدافعية نحو الدراسة.
لكن هذه الحالات -إن شاء الله- نعتبرها عارضة، أنت متميزة وسوف تظلين متميزة، ولديك عوامل حماية كثيرة وأقصد بذلك الحماية النفسية، والحماية المعرفية، لأنك تحفظين كتاب الله، وهذا قطعا يطور مقدراتك المعرفية بصورة كبيرة جدا، وقطعا لديك الأسرة الطيبة الأسرة الممتازة التي تساندك، وفي ذات الوقت لديك طموحك وهذه نعتبرها عوامل حماية، لأن بعض الناس يفتقدونها وتكون لديهم عوامل المخاطرة أكثر.
وعليه: أرجو أن تستوعبي هذا الأمر، أن مهاراتك ومقدراتك موجودة، ويجب اللجوء لتنظيم الوقت، وأهم شيء في تنظيم الوقت أن تنامي نوما هادئا ليلا، ويجب أن تأخذي كفايتك في النوم، النوم الليلي المبكر يؤدي إلى تنظيم حركة الموصلات العصبية في الدماغ، وهذا ينتج عنه تطور إيجابي جدا في التركيز وفي قدرة الإنسان على الاستيعاب، حتى النشاط الجسدي يكون ممتازا جدا، الإنسان حين ينام مبكرا، ويستيقظ ويؤدي صلاة الفجر في وقتها، ومن ثم يبدأ الدراسة، هذا مهم جدا.
الوقت الصباحي أعتقد أنه سوف يناسبك جدا، لأن التركيز فيه يكون أفضل، الإقبال على الدراسة يكون فيه أحسن، وهذا ما تحتاجين له، وفي حالة الإنجاز الأكاديمي الدراسي في فترة الصباح، مثلا إذا درست ساعة واحدة قبل الذهاب إلى مرفقك الدراسي؛ هذه الساعة من ناحية قيمتها العلمية وقيمتها المعرفية، توازي ثلاث ساعات في وقت النهار، فعلى ضوء ذلك أنا أنصحك بتنظيم وقتك على هذا الأساس.
أيضا طبقي تمارين الاسترخاء(2136015)، تمارين التنفس المتدرجة على وجه الخصوص، وهي تمارين مهمة ومفيدة جدا لك، وسوف تجدين هذه التمارين على اليوتيوب. حاولي أن تهتمي بتغذيتك، التغذية مهمة جدا في هذه المراحل أي مراحل الاستعداد للامتحانات، وأيضا رفهي عن نفسك بما هو طيب، الأشياء التي تحبينها لا تهمليها أبدا، وشاركي أسرتك، تواصلي مع زميلاتك، في بعض الأحيان الدراسة الجماعية أيضا تفيد، مراجعة بعض المواضيع الدراسية مع زميلاتك، أو حل بعض الامتحانات السابقة، هذا أيضا يحسن من تركيزك كثيرا.
أنا أيضا أرى أن تناول أحد الأدوية البسيطة جدا التي تساعد على إزالة القلق، وتحسن نومك سيكون مفيدا، هنالك دواء يسمى ايميتربتالين واسمه تريبتزول تجاريا، تناوليه بجرعة 10 مليجرام ليلا سوف يساعدك كثيرا، والتريبتزول من الأدوية القديمة جدا والمعروفة، وجرعة الـ 10 مليجرام لا تساوي شيئا، حيث أنها جرعة صغيرة جدا وسليمة جدا، لو تناولتها لمدة أسبوعين أو ثلاثة ليلا (ساعة قبل النوم)، أعتقد أنها أيضا سوف تساعدك كثيرا فيما يتعلق بإزالة القلق والتوتر، وتحسين النوم؛ مما ينتج عنه -إن شاء الله- تحسن كبير في التركيز لديك.
وللفائدة راجعي الاستشارات المرتبطة: (249538 - 246425 - 2113838 - 2359821).
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، واسأل الله لك التوفيق والسداد، اشكرك على الثقة في إسلام ويب.