السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة متدينة ومنقبة، مشكلتي تتلخص في الآتي:
1- أشعر بالجحود من كل من أحسن إليهم.
2- ليس لي أصحاب، وكلما أحاول أن أصاحب أحدا تحدث مشاكل منها حقدهم علي؛ فأنا متفوقة جدا.
3- كثرة البكاء بحيث لا أستطيع أن أمسك نفسي، وأصاب بالحرج الشديد من ذلك!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ أندلس حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يلهمك رشدك.
فهنيئا لمن التزمت ولبست النقاب، وتفوقت على الأتراب، وشكرت الوهاب، وبشرى لمن تطلب رضى التواب، ولا تبالي بقسوة الأحباب، فكوني مع الله ولا تلتفتي إلى الجحود أو العتاب.
ونحن ننصحك بأن تواصلي الإحسان ولا تنتظري الشكر من إنسان، فإنه سبحانه لا يضيع مثقال الذرة من الإحسان، واعرفي الحق تعرفي إهله، وكوني إلى جوار الصالحات، واصبري على ما يحصل منهن من الهفوات، ولا تحاسبيهن على كل صغيرة وكبيرة، فإن ذلك يجلب النفور، ولا يمكن أن يجد الإنسان من تخلو من العيوب، ولكن طوبى لمن انغمرت سيئاتها وسلبياتها في بحر حسناتها، وحاولي أن تقابلي جميع الزميلات بالابتسامات، فإنها من الصدقات، ورددي بلسان المؤمنات: (اللهم حببني إلى الناس وحبب إلي الصالحين منهم).
ولا يخفى عليك أن كل صاحب نعمة محسود، ولكن الحاسد يضر نفسه، فقد قال معاوية رضي الله عنه: (وما رأيت في خصال الشر أعدل من الحسد؛ لأنه يتوجه إلى الحاسد فيقتله قبل أن يصل إلى المحسود) وأحسن من قال:
اصبر على مضض الحسود فإن صبرك قاتله ***
فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
ولا أظن أن الجميع حاقد عليك، فلا تتابعي هذه الوساوس، واعلمي أن في الناس أخيار، وأن نعم الله مقسمة، فهذا أعطي مالا، وذاك أعطي نبوغا وعقلا، وثالثا حرم النبوغ والمال وأعطي العافية، فاحمدي الله على ما أعطاك، والتمسي لإخوانك العذر، فإن لم تجدي لهم عذرا، فقولي: لعل لهم عذرا لم أعرفه، ولا تحملي كلامهم وتصرفاتهم على المحمل السيئ وأنت تجدين لها في الخير محملا، واحرصي على رضى الله، فإن رضى الناس غاية لا تدرك، وإذا حرصت المسلمة على رضى الله رضي الله عنها وأرضى عنها الناس، قال تعالى: ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا))[مريم:96].
ولا تعزلي نفسك عن مجتمع الصالحات، واعلمي أن من أهم أعمال الشيطان التحريش وتفريق الجماعات، واعلمي أن المؤمنة التي تخالط أخواتها وتصبر على الأذى، خير من التي لا تخالط ولا تصبر على الأذى.
ولا داعي للبكاء، فإنه يعمق المشاعر السالبة، وإذا شعرت بالوحدة فاجعلي ذكر الله أنيسا، وكتاب الله جليسا، واشغلي نفسك بالخير قبل أن تشغلك بالشر، وتجنبي الوحدة، فإن الشيطان مع الواحد، وتذكري أن هذا العدو يريد أن يحزن الذين آمنوا وليس يضارهم شيئا إلا بإذن الله، وليس على من يطيع الله وحشة، فاجتهدي في التوبة إلى من يكشف الهموم ويغفر الذنوب ويذهب الأحزان والخطوب.
وفي الختام نتمنى لك التوفيق والسداد، ونرحب بك في موقعك بين آبائك والإخوان، والله الموفق.