أبي يتهم أمي في شرفها...فهل لمرضه علاقة بذلك؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أكتب هذه الرسالة وأنا مدمر حرفيا من كثرة المشاكل التي تأتيني بين الحين والآخر، حتى إني أصبحت أهرب من الواقع، وأتمنى أن أنام ولا أستيقظ من كثرة ما سمعت ورأيت وعشت.

بدأ الأمر منذ طفولتي، من أب وأم كثيري الجدال لأتفه الأسباب، والوالد من الأشخاص الذين تتكلم أو لا تتكلم معه مصمم على ما يفعل، ولا يبالي بالنصائح، والسب والشتم والاعتداء بالضرب، لقد عشت معهم طفولة قاسية، لكن -الحمد لله- كان يصرف علينا.

الآن هو مريض بمرض (باركينسون)، لا يقوى على الكلام أو المشي، ومريض بالقلب، ومنذ أن انتقل من المنزل بسبب مشاكل الإرث مع أعمامي، أصبح يتهم أمي بشرفها، ويقول إنه يرى رجلا يدخل المنزل، وهذا أدخل الشك لدى إخوتي أيضا، وأصبح الجميع يرى أمي بنظرة الصدمة من هول ما سمعناه.

علما بأنها تصوم وتصلي، ومحافظة على صلاتها، واعتمرت ثلاث مرات، فبعد هذا هل نصدق؟! أصبت بصدمة، وأحسست أن العائلة تدمرت، علما بأن الأخ الكبير هو من صدق الأمر، واتهم أمي بأنها مقصرة في حق الأب، ولا تقوم بخدمته، وأخذته العاطفة تجاه الأب، علما بأن أبي لا يملك أي دليل يثبت قوله.

الآن وبعد تراكمات كثيرة، وهذه المشكلة الأخيرة، أصبحت شخصا مختلفا تماما، فقدت الرغبة في كل شيء، كرهت أبي، وكرهت كل شيء، وأصبح لدي التفكير المفرط، وأصبح لدي تفكير سلبي، ولا أعرف نوع الاكتئاب الذي أنا فيه!

هل مرض أبي ب(باركينسون) يمكن أن يجعله يتخيل ويتوهم أمورا لم تحدث؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أيها الأخ الكريم- في موقع إسلام ويب، ونشكر لك الحرص، ونحيي هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يهدي الوالد لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يعين الوالدة على الصبر، وأرجو ألا تهتز قناعتك في عفة الوالدة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك رضاهما جميعا، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا شك أن هذا الذي حدث أمر محزن، ولكن أرجو أن تكون إلى جوار الوالدة، واجتهد أيضا في خدمة الوالد، واعلم أن الإنسان إذا اختلف الوالد والوالدة فإن عليه أن يسترضي الطرفين، ويجتهد في النصح اللطيف للطرفين، واعلم أن النصيحة للوالد والوالدة ينبغي أن تكون مغلفة باللطف والحنان، كما فعل خليل الرحمن: (يا أبت ... يا أبت ... يا أبت ... يا أبت ...) حتى لما اشتد عليه وقال: (لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا) قال إبراهيم في أدب ولطف: (سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا).

تواصل مع شقيقك والراشدين من إخوتك، واطلب منهم أن يكونوا عونا للوالد وللوالدة، وأن يحسنوا صورة الوالد عند الوالدة، وأيضا أن يطلبوا من الوالدة أن تصبر نظرا للظروف المرضية التي يعيشها الأب.

أما آثار هذا المرض فأرجو أن تراجع فيه الأطباء أهل الاختصاص، ولا أستبعد أن يكون له علاقة -خاصة مع كبر السن أيضا- فإن مثل هذه الأمور قد تكون مجرد أوهام، وأرجو ألا تتغير ثقتك في الوالدة الصوامة المصلية، التي تكثر التردد على بيت الله الحرام.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق وللوالدين الهداية، ونسأله تبارك وتعالى أن يعينكم على لم شمل العائلة، وأرجو ألا تهتز القناعات الطيبة في الوالدة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.
___________
انتهت إجابة د. أحمد الفرجابي...مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم...استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
____________

نرحب بك في إسلام ويب.

جزاك الله خيرا على اهتمامك بأمر والديك وثقتك في إسلام ويب، وأنا أقول لك: إرسالك بهذه الرسالة لنا -إسلام ويب- نعتبره حقيقة عملا طيبا في حق والديك، وهذا العمل -إن شاء الله تعالى- أنت مأجور عليه، وهذا يخفف عليك كثيرا.

بادئ ذي بدئ -أيها الفاضل الكريم- الآباء والأمهات يختلفون في مناهجهم التربوية بالنسبة لأبنائهم، ولا أعتقد أبدا أن هناك أبا - أو أما - يريد شرا لأبنائه أبدا، مهما كان قاسيا في منهجه التربوي، وكما ذكرت أنت أنه كان لا يبالي، وكان كثير السب والشتم والاعتداء، وعشت معه طفولة قاسية، لكنه كان يصرف عليكم، نعم، لا يمكن أن تسقط عنه الفطرة الأبوية بأي حال من الأحوال، وهذا الضرب والشتم وخلافه طبعا لا ندافع عنه، وهذا أمر مرفوض تماما، لكن هذا هو المنهج التربوي الذي يعرفه، ربما كان قد ضرب من والديه، أو سمع أن هذا هو المنهج التربوي الصحيح.

أرجو ألا تحمل على والدك في هذا السياق، خاصة أنه قد أصبح الآن ضعيفا، مرض (الباركنسون) ليس بالأمر السهل أبدا، وكما أشار إليك الأخ الشيخ الدكتور أحمد الفرجابي حفظه الله، يجب حقيقة أن تأخذ المبادرة الإيجابية نحو والديك، أن تستغل هذا الظرف الإيجابي جدا، هذا الظرف الحياتي الذي من وجهة نظري فتح لك ولإخوتك بابا من أبواب الجنة لأن تكون أكثر عناية بوالدك.

ما قاله حول والدتك هذا جزء من المرض، نعرف تماما أن خمسين إلى ستين بالمائة (50 : 60%) من مرضى (باركنسونية) والذين لديهم شخصيات شديدة يحدث لديهم اضطرابات ذهانية ظنانية من النوع الذي حدث لوالدك، هذا أمر مثبت علميا، فعليك أن توضح لإخوتك هذا الأمر.

هذا الوالد يمكن أن يعالج دوائيا، هنالك أدوية مفيدة جدا لعلاج هذا النوع من الظنانيات، لكن هنالك محدودية في عدد الأدوية التي نستعملها في حالة الوالد، هنالك دواءان فقط.

هنالك دواء يسمى (كويتيابين) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (سوركويل) وهذا مضاد للذهان، ويتميز بأنه يحسن النوم كثيرا، فإذا كان الوالد لديه اضطراب في النوم فسيكون هذا هو الدواء المناسب له، ويتناوله بجرعة واحدة ليلا، والجرعة طبعا تتفاوت، وسيحددها الطبيب.

أما إذا كان ليس لديه مشكلة في النوم، فالدواء الآخر يعرف باسم (إريبيبرازول) وجرعته هي حبة واحدة في اليوم (15 مليجراما).

إذا لدينا هذان الدواءان مثبتة فوائدها في علاج الاضطراب الذهاني الظناني الارتيابي المصاحب للباركنسونية، وفي ذات الوقت ليس لهما تبعات أو آثار سلبية، ولا يزيد من مرض الرعاش، ولا يتعارض مع الأدوية التي تعطى لهؤلاء المرضى.

إذا -الحمد لله تعالى- هنالك وسيلة -إن شاء الله- ستفرج هذه الكربة عنكم، وتعود الأمور إلى مجاريها، وعلى الأقل حين ينقص أو يختفي هذا الاضطراب الذهاني الذي أصاب الوالد؛ أعتقد أن الأمور ستتحسن كثيرا لديكم.

يجب أن تذهبوا بالوالد إلى الطبيب، ولا تجرحوا مشاعره أبدا، بأن تقولوا: -أنت تتوهم، أنت تشك- لا، لكن بلغوا الطبيب - الطبيب النفسي - إذا قبل أن يذهب إليه، وإذا لم يقبل طبيب الأعصاب الذي يعالج الباركنسون يمكن أن توصلوا وجهة نظرنا التي ذكرناها لكم، وسيتخذ الإجراء المناسب.

الذي جعله أكثر قابلية لهذا المرض الظناني هو خلفيته فيما يتعلق بشخصيته، الشخصية الشديدة دائما تكون حساسة، ودائما تلجأ إلى الارتياب والشكوك والظنون في مقاصد الآخرين، لذا حدث للوالد هذا الأمر بعد أن أتته كذلك علة الباركنسونيزم، وهي في حد ذاتها مرتبطة كثيرا بهذه الأمراض الظنانينة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات