السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أعرف كيف يكون الصبر على البلاء؟ وما هي طريقة الدعاء؟ وهل الدعاء بالتعب يعتبر من الجزع أم لا؟ وكيف يكون الجزع؟ وما هي طريقة تزكية النفس والصبر على البلاء؟
جزاكم الله خير الجزاء، ووفقكم لما يحب ويرضى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير، نشكر لك تواصلك بالموقع، وحرصك على تعلم أحكام دينك، ونتمنى لك مزيدا من التوفيق والسداد.
الصبر -أيها الحبيب- معناه الحبس، أي حبس النفس عن أن تقع في شيء من التسخط والاعتراض على قدر الله تعالى حينما تنزل بها مصيبة، فإذا وقعت في الإنسان مصيبة فواجبه أن يحبس نفسه، ويمنعها من الجزع، والجزع: معناه الضجر والتسخط والاعتراض على قدر الله تعالى.
وهذا الجزع والتسخط يكون بالقلب، ويكون باللسان، فيظهر على اللسان أنواع من الكلمات: لماذا فعل الله بي هذا؟ ولماذا وقع بي كذا؟ ولماذا أنا؟ ونحو ذلك من الكلام، ويكون أيضا بالأفعال كما يقع من بعض الناس، أن يشق ثيابه إذا وقعت عليه مصيبة، أو يلطم خدوده، أو يضرب رأسه، أو ينتف شعره، أو نحو ذلك؛ فهذه كلها مظاهر من مظاهر الجزع والاعتراض والتسخط على قدر الله تعالى، وهذا كله حرام.
فالواجب على الإنسان إذا نزلت به المصيبة أن يصبر، فيمنع نفسه من هذه الأفعال، فهذا معنى الصبر، ويعينه على هذا الصبر أمور كثيرة، أهمها:
- أن يدرك تمام الإدراك أن قدر الله تعالى نافذ لا محالة، وواقع لا بد منه، ولذلك يقول الحكماء: (الحيلة فيما لا حيلة فيه: الصبر) وليس له طريقة يقدر بها على تغيير أقدار الله تعالى الواقعة، فمن ثم لابد أن يعقل هذا، فتعقله يؤدي به إلى الصبر.
ومن الأمور التي تدعوه إلى الصبر أيضا: أن يتذكر الثواب الكثير الذي أعده الله تعالى للصابرين، فلا يجمع على نفسه مصيبتين: المصيبة الواقعة، ومصيبة أخرى وهي مصيبة فوات الأجر والثواب الذي رتبه الله تعالى على هذه المصيبة، فالمصائب حين يقدرها الله يقدر فيها خيرا كثيرا لمن أصيب بها.
وثالث الأمور التي تعينه على الصبر: التعزي والاتساء بالآخرين من أهل المصائب؛ فإنه إذا نظر عن يمينه وعن شماله فسيجد غيره من الناس أصيب بأبلغ مما أصيب هو به.
ومن الأسباب التي تعينه على الصبر الدعاء، واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، ولذا ورد في الحديث أن النبي (ﷺ) قال: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها، إلا أخلف الله له خيرا منها وهذا هو الدعاء لعلك الذي تسأل عنه كيف يكون الدعاء.
أما الدعاء بالمشقة والتعب والجزع؛ فهذا مما لا ينبغي للإنسان المسلم، وقد نهى عنه النبي (ﷺ) وأمر بأن يسأل الإنسان ربه العافية في الدنيا والآخرة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.