بسبب عائلتي أصبت بالتلعثم والخوف، فانصحوني!

0 15

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شخص بالغ، وواجهت أوقاتا عصيبة في طفولتي، والسبب أن أمي وأبي لم يربوني بالشكل الصحيح، وأشعر بالغضب الشديد منهم، لأني أعتقد أنهم السبب وراء جميع الصعوبات في حياتي الآن، وأشعر بالحزن ولا أحد يعاملني بلطف، لأني لا أثق بالناس، حاولت أن أتغير ولم ينجح الأمر.

عندما تزوجت، واجهت العديد من المشاكل مع زوجتي، وانتهى الأمر بالطلاق، حاولت عائلتي مساعدتي، لكنهم تشاجروا كثيرا دون إصلاح الأمور، وذهبت إلى العديد من الأطباء، وتناولت الكثير من الأدوية، ولم تساعدني كثيرا.

أعاني من التلعثم بشكل شديد، وأخاف حقا من التواجد حول الناس، ليس لدي وظيفة الآن، وأجريت العديد من المقابلات وفشلت؛ لأني لا أتحدث جيدا، الجميع يسخرون مني ويقولون: أني لا أستطيع التحدث.

لا أستطيع مسامحة أي شخص جرحني، وخاصة عائلتي، أشعر بأن حياتي عبارة عن كابوس، وأتمنى الموت للهروب من هذا الوضع الرهيب، فكرت في الانتحار لأني لا أستطيع إيجاد طريقة للخروج من مشكلتي، ولست الوحيد فأخي يمر بنفس الشيء، ومشكلته ظهرت منذ بضع سنوات، أما أنا فمشكلتي موجودة منذ طفولتي، وأضطر للذهاب إلى مستشفى خاص للحصول على المساعدة، من فضلكم، هل يمكنكم مساعدتي في معرفة ما يجب فعله بعد ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال الذي حقيقة آلمني؛ لأن طبيعتنا وشخصيتنا لها علاقة وثيقة بطريقة التربية التي ربينا علينا ونشأنا فيها في أسرنا، فنعم هناك الكثير من الآباء والأمهات الذين يحبون أبناءهم، إلا أنهم لا يتقنون مهارات التربية، فمهارات التربية مع الأسف ما زال التدريب عليها ضعيفا، بل لم يكن موجودا منذ عدد من العقود، وإن كان هذا الأمر الآن في طريق التغيير -إن شاء الله تعالى- لنمكن الآباء والأمهات من حسن التربية والتنشئة.

على كل لا شك أن والديك بالرغم من جهلهما في طريقة التربية إلا أنهما لابد أنهما كانا حريصين عليك، ولكن ربما مع حسن النية قد أخطؤوا السبيل، فدوما نوجد لهما عذرا كي لا نحبس الغضب والشعور بالحزن في أعماقنا، بل نغفر لهم ونمضي إلى الأمام؛ فإن ما حصل في الماضي قد حصل وانتهى.

هناك عبارة جميلة لأحد العلماء -علماء الصحة النفسية- يقول فيها: (نحن لسنا أسرى لماضينا)، فإذا كيف نحرر أنفسنا من تأثيرات الماضي ونمضي قدما إلى الأمام؟

أخي الفاضل: ذكرت أنك زرت العديد من الأطباء وتناولت الكثير من الأدوية، وكنت أتمنى لو ذكرت لنا التشخيص الذي وضع لك والأدوية التي جربتها ووصفت لك والتي لم تساعدك كثيرا.

أظن أمامك ثلاثة طرق:

الطريق الأول هو: محاولة ترميم جوانب شخصيتك ونفسك، وأن تبدأ بأن تقبل نفسك كما هي، دافعا لها للقيام بالأعمال الإيجابية، وتطرق باب متابعة تقديم العمل، وخاصة أنك خريج صيدلاني، وبلادنا في حاجة كبيرة إلى مثل هذه التخصصات، فهذا الطريق الأول.

الطريق الثاني: أن تستفيد من دراستك وتخصصك في الصيدلة، ولكن تعمل في مجال آخر غير الصيدلة، كالتعليم مثلا أو غيره، أو حتى العمل في شركات الأدوية، بحيث أنك غير مضطر أن تواجه العملاء وجها لوجه والحديث معهم، طالما أنك تشعر أو تتلعثم بالكلام، أو عندك تلعثم في الكلام.

الطريق الثالث: أن تعتمد على طبيب واحد يضع لك التشخيص؛ لأني دوما أقول: (لا يمكن أن نعالج دون أن نحسن التشخيص). ما هو الذي تعاني منه؟ هل هو اكتئاب وعلاجه بعلاجات مضادات الاكتئاب؟ أم هو رهاب اجتماعي حيث تجد صعوبة في التواصل مع الآخرين؟ وهذا أيضا له سبل علاجه.

فإذا لقد ابتليت بكل هذه الأمور، وأدعوك أن تضع ما حصل في الماضي وراء ظهرك وتنظر إلى الأمام، فالحياة جميلة، برغم تحدياتها وصعابها، ولك دور تقوم به -بإذن الله عز وجل- أولا: لنفسك، ثانيا: لمجتمعك، وخاصة -كما ذكرت- أنك خريج صيدلة، فهذا أمر مفيد يمكن أن ينفع بك.

أخيرا: يمكنك أن تطرق باب البلاد الأخرى، فأحيانا يفيد للإنسان أن يترك بلده ويهاجر حيث يقول الإمام الشافعي عن السفر:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا ... وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة ... وعلم وآداب وصحبة ماجد

أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية والتوفيق والسداد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات