السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما هو المقصود من رعاية الأم لأطفالها؟ وأقصد الأمور التي يعجز عنها الأب، بحثت ووجدت بأنها أمور متعلقة بتنظيف الطفل أو إطعامه، وبصراحة لا أعلم كيف تعتبر هذه الأمور صعبة على الرجل، ولا يمكنه فعلها، بينما المرأة تحتاج إلى العاطفة فقط حتى تقدر على فعل ذلك.
أرجو التوضيح وبالتفصيل ما هي أسس التربية ورعاية الأطفال الخاصة بالأم؟ وما هي الأمور التي يعجز عنها الرجل؟ كذلك قضية ترتيب البيت، كيف يكون شاقا على الرجل، ومع ذلك تقدر عليه المرأة بواسطة عاطفتها؟ وما علاقة العاطفة بذلك؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Takey حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكر لك هذا السؤال الهام، ونسأل الله أن يبارك في بناتنا أمهات المستقبل، وأن يبارك في أمهاتنا وفي جداتنا على الأدوار الجميلة، فلولا الأنثى لما وجدنا طعما في هذه الدنيا، فالأنثى هي الحنان، وهي العطف، وهي التعاطف، وهي الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك في الصالحات، وأن يرفعهن عنده درجات.
لا يمكن للرجل أن يسد مكان الأم؛ لأن الأم خلقها الله تبارك وتعالى لتقوم بوظائف وأدوار كبيرة، وهي الأساس وهي القاعدة، وجعل لها في مقابل ذلك المنزلة الرفيعة، ففي الحديث: (أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك فأدناك)، هذه المنزلة ما نالتها الأم إلا لأن لها دورا كبيرا جدا في رعاية هؤلاء الصغار، الذين نريد أن نقول: حاجتهم إلى الحنان لا تقل عن حاجتهم إلى الطعام والشراب، بل فاقد الحنان يمكن أن يموت ويتضرر ويقسو على نفسه، وتقسو عليه الدنيا بعد ذلك، ولذلك مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- نساء قريش فقال: (خير نساء ركبن الإبل صالحو نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده)، فالزوجة هي مخزن العواطف، تعطي من عواطفها: ابنها، وزوجها، وإخوانها، ومحارمها.
لذلك نقول: لا بد أن ندرك عظمة هذا الخالق الذي وزع الأدوار، وإذا حاول الرجل أن يقوم ببعض المهام فإنه لا يتقنها؛ لأن هذه المهام مغلفة بالحنان، وفرق كبير بين اللقمة التي تمتد من يد أم إلى طفلها وبين التي يمدها الأب؛ لأن يد الأم هي يد الحنان، هي العطف، هي مكان الأمان، والطفل إذا خاف يسارع إلى صدر أمه، وإلى حنان أمه.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يعين الأمهات على المحافظة على الأمومة، فنحن في زمان المتغيرات، في زمان يراد فيه للرجل أن يكون امرأة، والمرأة أن تكون رجلا، لخلط هذه الأدوار، وهذا ما لا يمكن أن يحدث، والعجيب أن الدراسات العالمية تفضحهم؛ لأنهم يريدون تكوين أسرة من أنثى وأنثى، وأسرة من رجل ورجل، ورجل معه حيوانات، وأنثى معها حيوانات، إلى غير ذلك، يريدون أن يخلطوا هذا النمط في الأسرة الربانية التي فطرت البشرية عليها، قال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى}.
فللأنثى أدوار كبيرة؛ والرجل لا يتقن هذه الأدوار؛ لأن الأم تغلف هذه الأشياء بالحنان، باللمسات، بالنظرات، والله تبارك وتعالى هيأها لهذا، بل يغلب عليها هذا، وبالتالي هي شديدة الشفقة على أبنائها، فعندما تقدم الطعام وتعطيه لطفلها تشعر بلذة الطعام في حلقها من حبها لطفلها، واللقمة التي تمدها هذه اليد الحانية، من ذلك القلب الذي يحب من يقدم له الطعام؛ وأكيد أن يكون هناك إتقان في العمل، وهناك حرص، وهناك رغبة في نفع هذا، وكل هذا لا يستطيع أن يمنحه الأب، فقد يعطي الأب عطاء ماديا فقط.
لذلك نحن بحاجة فعلا إلى أن ندرك هذه الفروق المهمة، وليس معنى هذا أن الرجل لا يعين ولا يساعد، لكن الأصل هو أن تعمل المرأة في أدوارها، ويقوم الرجل بأدواره في خارج البيت، يوفر المال، يكدح ويتعب، والمرأة هي التي تدير البيت، فتمنح الرجل المتعب الذي دخل من الخارج وتعطيه جرعات من الحنان والعطف، وتنسيه صعوبات الحياة.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك في بناتنا وفي أبنائنا، وأن يلهمنا جميعا السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.