أصبحت لامباليًا وفقدت الاستمتاع بما أفعله!

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر منذ فترة ليست بالقليلة بعدم المتعة في الحياة، وأشعر باللامبالاة وعدم الرضا بالحياة، فلا أدري بما أشعر به، رغم أني طالب جامعي، وناجح في دراستي، وأقرأ كثيرا، ولا زلت مستمرا في حفظ القرآن، ولكني أفعل كل ذلك دون متعة أبدا، على الرغم من أني كنت أستمتع بذلك كله سابقا، والآن أفعله لأهرب من هذا الشعور.

ظننت أن قلبي أصبح ميتا، لكني تأثرت تأثرا شديدا بأحداث غزة، رغم أني لست منهم، وفي نفس الوقت عندما مرض والدي مرضا شديدا كنت لا أبالي وكنت بلا مشاعر، وكأن شيئا لم يحدث، وأثر ذلك كثيرا على اتخاذ قراراتي في الحياة، وعلى طريقة تفكيري، فما الحل، أو ما توصيفكم لهذه المشكلة؟ لأني أعاني من تعب نفسي شديد.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وسعدنا بنجاحك في الدراسة، وبحفظك لكتاب الله، وبكثرة القراءة، وسعدنا جدا باهتمامك بأحداث أهلنا في غزة؛ فهو جرح الأمة النازف، وكل هذا دليل على أن عندك حياة وحيوية، نسأل الله أن يعينك على إكمال هذا بالاهتمام بأمر الوالد في أيام صحته، وبالاهتمام الزائد به في أيام مرضه.

تجنب هذه المشاعر السالبة، وإذا جاء بها الشيطان فاعلم أن هم هذا العدو هو أن يحزن أهل الإيمان، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على تجاوز ما تراه من هبوط في مشاعرك، أو ما وصفته باللامبالاة، واعلم أن الإنسان ينبغي أن يدرك بأن هناك واجبات شرعية، وخاصة فيما يتعلق بأمر الوالدين، والاهتمام بهما؛ فأنت مطالب أن تهتم بالوالد في أيام صحته، ومطالب بأن تهتم بالوالدة في أيام صحتها، وتحتاج إلى أن تضاعف الاهتمام به وبها إذا حصل لهما مرض أو ظرف، ونسأل الله أن يعينك على هذا الخير.

ونحب أن نؤكد أن شعورك بهذا الخلل هو بداية التصحيح، بل إن هذا الشعور يدل على حياة قلبك، ووجود الضمير، والنفس اللوامة، نسأل الله أن يعينك على كل ذلك، والعودة إلى ما كنت عليه وإلى ما هو أفضل، وأرجو ألا تفكر سلبا في المشكلة، وأن لا تتماد معها، وألا تستجب لوساوس الشيطان، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.

ومما يعينك على الاهتمام بالأمور التي تستحق:
1. الحرص على الدعاء.
2. النظر في عواقب ومآلات الأمور.
3. التعوذ بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط، والكسل نقص في التنفيذ.
4. إدراك الثواب الذي يناله الإنسان الذي يهتم بوالديه، ويهتم بالأمور التي تستحق الاهتمام.

نسأل الله لنا ولك الهداية والثبات.
_____________________________________________
انتهت إجابة الدكتور الشيخ/ أحمد الفرجابي -استشاري العلاقات الأسرية والتربوية-،
وتليها إجابة الدكتور/ علي أحمد التهامي -استشاري نفسي إكلينيكي-.
____________________________________________

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.

أولا: الحمد لله على التزامك بحفظ القرآن الكريم، وعلى نجاحك واستمرارك في دراستك، فهذا توفيق من الله عز وجل.

ثانيا: الأعراض التي ذكرتها ربما تكون بسبب اضطراب المزاج الذي يتمثل في فقدان المتعة بالحياة، واللامبالاة وعدم الرضا، وأسباب ذلك قد تكون عضوية أو نفسية أو اجتماعية بيئية.

ثالثا: بغض النظر عن أسباب الحالة التي تشكو منها مع أهمية معرفتها، إلا أن المطلوب منك الآن هو التفكير في العلاج، وما دمت أنك تؤدي وظائفك الحياتية بصورة جيدة؛ فهذه بشارة بأن الأمر يمكن تخطيه وترجع - إن شاء الله - إلى مشاعرك الطبيعية.

أحداث غزة التي تفاعلت معها لا شك أنها أثرت على نظرتك للحياة، لأنها تحمل الكثير من مشاعر الحزن والإحباط، ولكن ينبغي التعامل معها بأنها أقدار من الله تعالى، وفيها ابتلاءات واختبارات لكافة المسلمين، {قل لو كنتم في بيوتكم ‌لبرز ‌الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور}.

فإذا رجعت إلى تاريخ المسلمين في صدر الإسلام وبوجود الرسول (ﷺ) وصحابته الكرام فإنك ستجد أنهم قد تعرضوا إلى ابتلاءات عديدة، وصفها الله تعالى في القرآن الكريم بالأمر الجلل المزلزل لكيان الإنسان، إذ يقول الله تعالى في سورة الأحزاب: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا * إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون ‌وزلزلوا ‌زلزالا شديدا}، ورغم هذه الشدة لم ينطفئ نور الإسلام، بل انتشر، وما زال عدد المسلمين حتى الآن يزداد يوما بعد يوم.

أما مرض الوالد فهذا أيضا امتحان واختبار، وعجبا لأمر المؤمن، إن أمر المؤمن كله خير، ‌وليس ‌ذلك ‌لأحد ‌إلا ‌للمؤمن إن أصابته سراء فشكر فكان خيرا، وإن أصابته ضراء فصبر، كان خيرا، وما يصيب المسلم من ‌نصب ‌ولا ‌وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. نسأل الله تعالى أن يكفر بمرضه هذا سيئاته، وأن يرفع به درجاته إلى أعلى الدرجات.

فالوالد محتاج منك إلى الدعم والاهتمام والبر، وأنت لا شك تثاب على ذلك، والذي نطلبه منك هو إعادة وضع أهدافك من جديد، ماذا تريد أن تحقق في المستقبل؟ وما هي الوسائل التي تساعدك في تحقيق أهدافك؟ وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه لخدمة أسرتك وأهلك ووطنك وكل الأمة الإسلامية؟ وكن على قدر التحديات، فحاول -أيها الفاضل الكريم - تغيير نمط الحياة الذي تعيشه، بأهداف وأساليب جديدة في نشاطاتك اليومية، سواء بممارسة الرياضة، أو بممارسة أي هوايات أخرى اعتدت على ممارستها من قبل.

وقدم المساعدة إلى الآخرين، فإن من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ... والله ‌في ‌عون ‌العبد ‌ما كان العبد في عون أخيه، وحاول ألا تعزل نفسك، بل خالط الناس الذين يمكن أن تفيدهم وتستفيد منهم، فأنت لديك قدرات وإمكانيات شخصية، يمكن تفجيرها والاستفادة منها، فاخرج من النفق المظلم الذي وضعت فيه نفسك، وعش واستمتع بالحاضر، ولا تفكر في الماضي فإنه ولى ولن يعد، ولا تقلق على المستقبل فإنه لم يأت بعد، وأكثر من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) وأكثر من ذكر الله تعالى، وستنقشع الغمة -إن شاء الله- وترجع كما كنت.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات