السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي هدانا لهذا، إنني بفضل الله أواظب على الصلوات المكتوبات في الجماعات، وحيث ينادى بها في أول وقتها، وعلى النوافل المؤكدة والشفع والوتر وصلاة الضحى، وأربع ركعات قبل العصر وأقوم بالأذان كلما سنحت الفرصة.
كما أني أقوم بالأذان لصلاة الفجر يوميا؛ بفضل الله، وأحاول شغل وقتي بذكر الله وأجاهد نفسي في سبيل ذلك. وأقرأ جزءا من القرآن الكريم يوميا، وأدعو الله أن يتقبل مني، فكيف أستشعر قبول عملي وأنا أعلم أني مقصر؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهنيئا لمن يسابق إلى الأذان، وينشد رضا الرحمن في الأرض، ويحافظ على السنن والرواتب، ويواظب على تلاوة القرآن، ونسأل الله أن يبارك في الصالحين في كل زمان ومكان، ومرحبا بك بين آبائك والإخوان، وأرجو أن تواظب على كثرة اللجوء للمنان، فإن الخير بيده، فسبحان مدبر الأكوان، وكل يوم هو في شأن، ولا يخفى على أمثالك أن من علامات قبول العمل الحسنة التي بعدها، فإن الحسنات آخذة برقاب بعضها، وإذا رأيت الرجل يعمل بالحسنة فاعلم أن له مثلها أخوات.
كما أن من علامات القبول للعمل أن يجد الإنسان لذة وحلاوة في قلبه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالرسول صلى الله عليه وسلم نبيا وبالإسلام دينا) ومن علامات قبول العمل الاستمرار فيه، فإنه ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انفصل وانقطع، ومن علامات القبول الثناء الحسن، والقبول عند الناس، قال تعالى: (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ))[مريم:96].
وقد أسعدني شعورك بالتقصير رغم اجتهادك في رضوان القدير، فإن اتهام النفس هو بداية التصحيح والتغيير، وهو خير ما يدفع ويعين على الصعود في مدارج السالكين، كما أن المسلم ينبغي أن يقارن بين مواهب الجليل، وبين تقصيره في طاعته.
فإن الإنسان إذا وضع جرائمه وتقصيره في كفة، ونعم الله الوافرة عليه، ظهر له تقصيره في طاعة ربه ومولاه، وقد كان السلف يتهمون أنفسهم حتى قال طاووس رحمة الله عليه في يوم عرفة "اللهم لا تردهم من أجلي " وقال "لو مات طاووس لاستراح الناس" وقال بعضهم: لو كان للذنوب ريح لما استطاع أحد أن يجالسنا، وقال حذيفة رضي الله عنه شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذرب لساني، فقال صلى الله عليه وسلم: (وأين أنت من الاستغفار يا حذيفة...).
والله الموفق.