السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب في المرحلة الإعدادية، ولدي مشاكل مع والدتي؛ فأمي تكرهني أنا وأخي، وتفضل أخانا الثالث علينا دائما، المشكلة أنها دائما تظلمنا، ونادرا ما كانت تعاملنا بالتساوي، وعندما نعترض تكون دائما ضدنا، وفي الفترة الأخيرة، وتحديدا منذ شهر ديسمبر، توقفت أمي عن الحديث معي ومع أخي إلا في أضيق الحدود.
في شهر يناير الماضي ذهبت لطلب رضاها، رغم أنها كانت دائما مخطئة معنا، وبالفعل رضيت عني، ولكن بعد الامتحانات سرعان ما بدأت تشكو لأبي مني ومن أخي، وشعرت بكرهها لنا، ورغم ذلك تصالحنا بعدها بفترة، وكنت طبيعيا جدا معها، وكأن شيئا لم يكن، ولكن بعد فترة قصيرة، وقفت ضدي في موقف مع السائقة المسؤولة عن ذهابي وعودتي من المدرسة.
عندما شعرت بالإهانة من السائقة، وذهبت لأشكو لوالدتي، قالت: إنه لا يوجد شيء يستدعي الشكوى، وأنه أمر عادي، بعدها طلبت من أبي أن أوقف الذهاب مع السائقة، فوافق، وتفاهمنا في الأمر.
اكتشفت لاحقا أن أمي كانت طوال الوقت تتحدث مع أخينا الثالث عنا، وأحيانا عن أبي، كما أنها كانت تكذب على أبي، وتقول: إن أصدقائي سيئون، ولا يجب أن أخرج معهم، كنت يومها أستعد للإفطار في رمضان، وفور سماعي ذلك شعرت بغضب شديد منها، خاصة أنها كررت الأمر مرات كثيرة، وكانت تفعل ذلك دائما في غيابي، بحيث لا أستطيع الدفاع عن نفسي.
عندما شعرت بأنني غاضب منها، توقفت عن الحديث معي مجددا، وأنا الآن على وشك بداية الامتحانات، ويبدو وكأنها لا تريدني، وأنا خائف من أن يؤثر هذا على توفيقي، فما الذي يمكنني فعله في مثل هذا الموقف؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدل على حرص على الخير، وندعوك إلى مصالحة الوالدة وتقبيل رأسها، فأنت لا تتعامل مع زميل، أنت تتعامل مع والدة (أمك، ثم أمك، ثم أمك) كما قال نبيك -صلى الله عليه وسلم- فحتى لو قصرت، أو أساءت، تظل والدة، والعلاقة التي بينك وبينها هي علاقة البر، والبر عبادة لله تبارك وتعالى، لا تترك لأي سبب من الأسباب، ولأهمية البر فقد ربط الله بين بر الوالدين وبين عبادته: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} [الإسراء: 23]، {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} [النساء: 36]، {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا} [البقرة: 83]، وجعل رضاه في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما.
إذا كان الحديث عن الأم فإن لها الحقوق المضاعفة، وليس معنى هذا أنا نؤيد ما يحصل من الوالدة، وتقديم الأخ عليكم، ولكن كل هذا لا يبرر لك التقصير في حقها، بل الإنسان ينبغي أن يؤدي ما عليه؛ لأنه بذلك يرجو ما عند الله تبارك وتعالى، وقد سعدنا أنك مرارا تحاول أن تصالحها، وتصلح ما بينك وبينها، وهذا ما نرجوه، بل نريد قبل ذلك أن تتفادى الأمور التي تثير غضبها، ولا شك أن الإنسان يعرف ما هي الأمور التي لا ترضاها الوالدة، وما هي الأمور التي تنزعج منها الوالدة، فإذا تفاديت ما يزعج الوالدة وما يضايقها، كان ذلك خيرا لك ولها، وفي ذلك عون لها على قبولك، والاهتمام بك؛ لأنك بدأت تشاركها، وبدأت تبادلها هذا الاهتمام، بل تسبق إليه.
ومهما حصل منها من كلام مع الوالد عنك بالخطأ، أو بالسوء، فعليك أن تصحح للوالد المعلومة، والوالد يستطيع أن يتعرف على من حولك بسهولة؛ لأن هؤلاء شباب، ويمكن أن يقابلوا الوالد في أي مكان، لذلك أرجو ألا تنزعج من إخبارها للوالد، وحاول أن توصل المعلومة الصحيحة للوالد، ولا تحاول أن تجادلها، وتشتد عليها؛ لأنه -كما قلنا- أنت لا تكلم زميلا، أو إنسانا في عمرك، أنت تكلم الوالدة، فينبغي أن تصبر عليها، وتحسن إليها، بل أرجو أن تشكرها على أي موقف جميل، وأي موقف طيب وقفته معك، فهي تظل والدة، وهي صاحبة فضل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الصبر على الوالدة، واعلم أن الصبر عليها من أوسع أبواب برها، وإذا لم يصبر الإنسان على أمه فعلى من يكون الصبر؟!
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.