السؤال
السلام عليكم.
أريد نصيحتكم في كيفية إصلاح حياتي، الأمر وما فيه أنني فقدت تطلعي للحياة تماما، ولا أملك تقديرا واحترما لذاتي، وقد بدأ هذا التغير في حياتي منذ أن وقعت في إدمان العادة قبل ٣ سنوات، ومنذ ذلك الحين ووتيرة الإدمان تشتد، لدرجة أني صرت نادرا ما أستطيع تركها لما يزيد عن ثلاثة أيام، وفي غالب الأحيان يكون سلوكي هذا ناجما عن قلة تقديري لنفسي، وكرهي لها؛ فأنا لا أحب نفسي، وأفكر بالانتحار بشكل مستمر، موسوسة بنتف الشعر، وإزالة قشور الجروح، وهذا يضعف من ثقتي بنفسي، فأشعر بالضيق، وألجأ للعادة لتخدير نفسي، وبعدها أدخل في دوامة جلد الذات، وأفقد تركيزي، فلا أدرس بعد ممارسة الإدمان إلى أن يجيء اليوم التالي، وهكذا تكون قد تراكمت الدروس، فأضيق ذرعا، ثم أعود للعادة، ويتراكم كل شيء، وينتهي الفصل بمعدل بشع، فأعود للإدمان، لذلك أظن بأن الانتحار حل!
حاولت علاج وساوسي منذ ٧ سنوات، وأحاول ترك الإدمان منذ ٣ سنوات، وكل يوم يكون أسوأ من الذي سبقه، وخاصة أنني فقدت عذريتي بسبب العادة، وأنا متأكدة من ذلك بسبب طريقة إدماني، وبالتالي لن أتزوج، والإدمان سيظل يلاحقني للأبد، وسأبقى وحيدة، ولن أنجب.
كيف لي أن أكسر تلك الحلقة؟ وكيف لي أن أعود طالبة نجيبة، وأوقف نتف شعري، وقشور جروحي ورأسي، وأتطلع للمستقبل، وأصبح طبيبة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا -ابنتنا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونؤكد أن البداية بالتوبة إلى التواب، الذي ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، وانتظار رحمة الرحيم، الذي ما سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا، وانتظار المغفرة من الغفور، الذي ما سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا.
أنت بحاجة إلى وقفة مع النفس، تصححين معها هذا المسير، ونبشرك بأن التوبة تجب ما قبلها، وأن التائبة من الذنب كمن لا ذنب لها، وأرجو ألا تفكري مطلقا في الانتحار؛ لأنه جريمة الجرائم، ويورد صاحبه موارد الهلكة، ويجلب على صاحبه خسارة الدنيا والآخرة -عياذا بالله تبارك وتعالى-! إذا كنت -ولله الحمد- قد وفقك الله فوصلت إلى هذا المستوى من الدراسة، فإنه دليل على أنك قادرة على النجاح.
وننصحك بما يلي:
أولا: اللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
ثانيا: اتخاذ صديقات صالحات.
ثالثا: القرب من الأهل، وطلب الدعاء منهم.
رابعا: تنظيم وقت المذاكرة.
خامسا: إدراك آثار هذه الممارسة الخاطئة.
سادسا: أرجو أن لا تفكري فيما حصل؛ لأن هذا شأن الشيطان، وهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، فإذا ذكرك الشيطان بما حصل منك من الجرائم والتقصير، فتذكري رحمة السميع البصير سبحانه وتعالى، كما قال الشاعر:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة، فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن، فبمن يلوذ ويستجير الآثم.
هذه الممارسة الخاطئة خطيئة، ولكن أين أنت من الصلاة؟ أين أنت من التلاوة؟ أين أنت من الحسنات الماحية؟ فالحسنات يذهبن السيئات.
ننصحك أيضا بالاهتمام بالمحور الاجتماعي، والتقرب من الصديقات الصالحات، والتقرب من والديك والأسرة، وأيضا عمل جدول للمذاكرة، والانتباه للدراسة؛ لأن مثل هذه الأفكار السالبة والممارسة الخاطئة إنما تأتي للإنسان الذي يجلس وحده، وتأتي للإنسان الذي ليس عنده أشغال، وتأتي للإنسان الذي يحاول أن يعالج الخطأ بخطأ أكبر منه.
فإذا أنت تملكين القدرة على التغيير، وأول دليل هو هذا الذي وصلنا من استشارة مرتبة، ودفعك إلى الكتابة إلينا، وأنت أيضا مسلمة، تركت طعامك وشرابك لله تبارك وتعالى من خلال شهر رمضان، وهذا دليل على أنك تستطيعين أن تتركي أشياء كثيرة؛ فمن ترك طعامه وشرابه لله قادر على أن يترك مثل هذه الممارسة الخاطئة.
استعيني بالله، وتوكلي عليه، ولا تيأسي إذا حصل سقوط أو انتكاس، بل جددي التوبة، وجددي العزم، حتى تغيظي عدونا الشيطان؛ فالأمر كما قيل للحسن البصري: نتوب ثم نعود، نتوب ثم نعود فإلى متى يا إمام؟ قال: حتى يكون الشيطان هو المخذول.
ونحب أن نؤكد لك –بنتنا الفاضلة– أن مسألة الزواج، وإنجاب الذرية هذا من تقدير رب البرية، وهذا الخطأ الذي حصل ليس مثل من زالت بكارتها بسبب وقوعها في الفاحشة -والعياذ بالله-. ويجب التنبيه لأمر مهم، وهو أنه من الصعب عليك تحديد زوال البكارة من عدمها، والمسألة دقيقة، ولا يتم معرفتها إلا بواسطة طبيبة متخصصة، فننصحك بالذهاب إلى طبيبة متخصصة، للتأكد من هذا الأمر، حتى لا تعطلي حياتك، ولا تبني قراراتك على أوهام وتخيلات، قد لا يكون لها حقيقة.
ونحب أن نؤكد لك أن الله تبارك وتعالى يستر على الإنسان، فعليك أن تتوبي، واصدقي مع الله تبارك وتعالى، وأظهري الالتزام، وأظهري الخير، وسيأتيك من يستر عليك، ويكمل معك مشوار الحياة.
أرجو ألا يحملك هذا التفكير السالب بالطريقة المذكورة، ونحن نحب أن نؤكد لك أن كثيرا ممن وقعن فيما هو أكبر من هذا يسر الله لهن، وتزوجن، فاتقي الله تبارك وتعالى، واسأليه التوفيق والسداد، واعلمي أن من الرجال من يدخل حياة الفتاة فيوقن بصدق توبتها، ويقبل بها، ونسأل الله أن يضع في طريقك من يسعدك، ويعينك على طاعة الله، وأن يلهمك السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا، وبالله التوفيق.