السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب جامعي في السنة الثالثة، وأعاني كثيرا من مشكلة، ألا وهي سوء الظن! فأنا أقوم بتفسير تصرفات أصدقائي معي بسوء ظن، ومع مرور الوقت أكتشف بأني مخطئ في هذا.
ويتكرر مني هذا التصرف دائما، مع أني أحاول أن أغير أسلوبي، ولكن دون جدوى! وقد بدأ أصدقائي يملون من هذه المشكلة، ومنهم من قال لي بأني أفسر كل الأمور بسوء ظن وأشياء لم تحدث.
مع العلم بأني إنسان محافظ علي الصلاة، وفي الآونة الأخيرة أصبحت أعاني من حاله نفسية، من عدم الشعور بالراحة والسعادة، ولم تعد تلك الابتسامة التي لم تكن تفارقني موجودة! وأصبحت حياتي مملة، ولا أشعر بالسعادة رغم أني كثير السفر، ولكن أصبحت الأشياء التي كانت تسعدني سابقا، لا تسعدني الآن! وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فسوء الظن وسوء التأويل يكون مصاحبا في كثير من الحالات لما يعرف بالشخصية الظنانية أو الشخصية البارونية، وهذه لا تعتبر حالة مرضية حقيقية، ولكنها سمة من سمات الشخصية؛ حيث توجد عدة أنواع من الشخصيات، هنالك الشخصية القهرية الوسواسية، هنالك الشخصية الاكتئابية، والشخصية الاعتمادية، والشخصية الهستيرية، والشخصية الظنانية – أي التي تسيء الظن - وهنالك عدة أنواع أخرى من الشخصيات.
من أفضل وسائل علاج الشخصية الظنانية هي محاولة توسيع دائرة المعارف والأصدقاء؛ لأن في ذلك وسيلة فعالة لأن يكون الإنسان أكثر اندماجا مع الآخرين، وهذا يجعله يتقبل الحوار معهم بصورة أفضل؛ لأنه يشاهدهم يتحاورون فيما بينهم ويقبلون بعضهم البعض، وذلك يجعله أكثر قناعة بأن نفس هذا المبدأ ينطبق عليه، فأرجو أن تسعى لتوسيع دائرة معارفك.
الشيء الثاني: دائما حين تسيء الظن في شيء، أرجو في نفس اللحظة أن تضع الاحتمالات الأخرى، أي أن هذا الأمر يحتمل تفسيرات أخرى.
الطريقة الثالثة: أن تعود نفسك في الخيال، بأن تبني فكرة ظنانية قائمة على الظن وسوء التفسير والتأويل، ثم بعد ذلك تولد في داخل نفسك الفكرة المضادة لها، والتي تقوم على حسن الظن والواقع والمنطق، وتحاول أن تركز على هذه الفكرة، حتى تستبدلها أو تستبدل الفكرة السابقة المرفوضة لهذه الفكرة الجديدة.
أنت تعاني أيضا من عسر المزاج، وهذا بالطبع ناتج عن الظنان، وعسر المزاج أيضا ربما يؤدي إلى سوء التفسير والتأويل، إذن: هذا يشكل لنا نوعا من الحلقة المفرغة والتي لابد من كسرها، وهنا تلعب الأدوية دورا فعالا وممتازا.
هنالك دواء يعرف باسم رزبريدون، من الأدوية الفعالة حتى في حالات الفصام، ولكن -الحمد لله- أنت حالتك ليست فصاما، ولكن الرزبريدون أيضا يفيد بجرعة صغيرة في حالات الظنان المرتبط بالشخصية، وربما يكون هذا الدواء ذا فائدة وفاعلية؛ وذلك لأنه يمنع أن تتطور حالتك بصورة تكون فيها الأمور أكثر تعقيدا، وهذا بالطبع لا نريده لك ولا تريده لنفسك.
فعليه أرجو مخلصا أن تبدأ في تناول الرزبريدون، ابدأ بجرعة واحد مليجرام ليلا واستمر عليها لمدة شهرين، ثم ارفع الجرعة إلى 2 مليجرام ليلا واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى واحد مليجرام ليلا لمدة شهرين، ثم توقف عنها.
هذا الدواء سليم جدا ولا يحمل أي آثار جانبية سلبية، فقط ربما يسبب زيادة بسيطة في النوم، وهذا لا بأس به في الأيام الأولى للعلاج، وهو إن شاء الله يؤدي أيضا إلى تحسين المزاج لديك.
بعد شهرين من بداية هذا الدواء إذا لم تحس بتحسن حقيقي في مزاجك، فأرجو أن تضيف دواء آخر، والدواء الآخر يعرف باسم سبرلكس، أرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة من فئة 10 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عنه، هو دواء جميل ويقضي على عسر المزاج، ويؤدي إلى انشراح في نفسك، وشعور بالاسترخاء وقبول للذات وللآخرين.
هنالك شيء أخير -يا أخي- لابد أن أنبه إليه، وهو أن الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف تجعل الإنسان دائما أكثر توكلا، والتوكل يجعل الإنسان يحسن الظن بالآخرين، هذا أيضا أرجو أن تجعله في خلدك وتعمل به إن شاء الله، ويا حبذا لو اتصلت بأحد المشايخ أو إمام المسجد في منطقتك وتحدثت معه في هذا الموضوع، فهو إن شاء الله سيكون أكبر معين لك، وسوف تجد منه إن شاء الله كل الاستبصار والمساندة التي تساعدك في الظرف الذي أنت تمر به الآن.
ونسأل الله لك التوفيق والعافية والشفاء بإذنه تعالى.