السؤال
السلام عليكم
أعاني من اضطراب الشخصية الحدية، وتوجد أعراض اكتئاب، وأفكار كثيرة، هل دواء (ديباليبت كرونو ٥٠٠) الذي هو (صوديوم فالبروات حمض الفالروتيك) حبتان في اليوم مناسب أم يوجد دواء أفضل؟
كنت آخذ مضاد اكتئاب قبل أن أعرف أني أعاني من هذا الاضطراب، وكانت أموري غير مستقرة، وسلوكي اندفاعي وخاطئ، ولما ذهبت للطبيب قال لي: لديك ثنائي القطب، واضطراب الشخصية الحدية، وكتب لي (ليثيوم واولانزابين)، وتركتهم؛ لأني متأكد أنه ليس لدي ثنائي القطب.
ذهبت لدكتور ثان، قال لي: لديك اضطراب الشخصية الحدية، وقال لي: خذ (ديباليبت كرونو صوديوم الفالبروات)، وقال لي: هذا سيساعدك للتخلص من الاكتئاب، أنا محتار جدا ومتردد.
أرجو الإفادة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وحيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي: ربما يكون هنالك بعض التعجل في أنك شخصت حالتك بأنك تعاني من اضطراب الشخصية الحدية، فهذا تشخيص حقيقة لا نلجأ إليه إلا بعد أن نقتنع تماما بأن المعايير الصحيحة والدقيقة قد طبقت.
اضطراب الشخصية الحدية في مرحلتك العمرية هذه، قليلا ما نشاهده، فهو يبدأ فيما بعد سن اليافعة، وبعد سن الثلاثين يتحسن الإنسان تلقائيا، وطبعا اضطراب الشخصية الحادية يكثر وسط النساء المتزوجات.
عموما أنا لا أريد أن أخوض في نوع من الجدال العلمي المزعج لك، ولكن أرجو أن لا تتخوف من هذا التشخيص، بل أريدك أن لا تعتبره هو التشخيص لحالتك مع احترامي الشديد للأطباء، حتى وإن قيل لك.
لا أريده أن يكون وصمة ملتصقة بك -أيها الأخ الكريم- قد يكون لديك بعض الصعوبات النفسية، والتقلبات المزاجية، وكما تفضلت الاندفاعات الخاطئة، والحمد لله، أنت الآن مدرك لها، وأرجو -يا أخي- أن تصحح مسارك من ناحية الأفكار، من ناحية المشاعر، من ناحية الأفعال، فأنت رجل ما دمت مستبصرا، وتملك الإدراك، وتملك الأهلية العقلية، والله تعالى حباك بالمهارات المختلفة، فأرجو أن تعيش حياة طيبة متوازنة، هذا هو الأفضل بالنسبة لك.
أما هذه التشخيصات فأنا لدي حقيقة بعض المحاذير حول اضطراب الشخصية الحدية على وجه الخصوص، وحقيقة لم نشاهد حالات كثيرة في مثل عمرك، إنما هي حالات قليلة جدا، ويحدث لهم تحسن تلقائي، فحتى أنت اعتبرت فرضا أنه كنت تعاني من اضطراب الشخصية الحدية، فهذا يجب أن نعتبره شيئا من الماضي، والآن أنت وصلت إلى مرحلة النضوج النفسي إن شاء الله تعالى.
اضطرابات المزاج التي لديك كما ذكرت لك أنها قد لا ترفع إلى ثنائية القطبية، لكن هنالك إشكالية كبيرة الآن في تشخيص الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، هنالك جزئيات صغيرة أصبح الآن الحديث عنها كثيرا، بمعنى أننا يجب أن لا ننتظر أن الإنسان يعاني من حالة هوسية مطبقة، أو اكتئابية مطبقة، وهنالك تناوب بين هذه الحالات حتى نصفه بأنه يعاني من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.
أيها الفاضل الكريم، أنا أعتقد أن أي من محسنات المزاج ربما تكون مفيدة لك، وكذلك مثبتات المزاج، فإن كان لديك الجوانب الاكتئابية أكثر لماذا -يا أخي- لا تتناول أحد محسنات المزاج مثل: عقار زيروكسات مثلا، والذي يعرف باسم باروكستين بجرعة حبة واحدة يوميا، تبدأ بنصف حبة أي 10 مليجراما يوميا، لمدة أسبوع، ثم تجعلها حبة واحدة يوميا، لمدة ستة أشهر مثلا، وفي ذات الوقت تتناول الدباكين كرون بجرعة 500 مليجراما؟
لا أراك في حاجة إلى أدوية أكثر من ذلك، الذي تحتاجه -أخي الكريم- هو أن تحسن إدارة وقتك، أن تجتهد في عملك، وأن يكون لك برنامج للتواصل الاجتماعي الإيجابي، تحرص على الصلاة في وقتها، النفس تربى من خلال هذه الممارسات الطيبة، وأن لا تتخلف عن الواجب الاجتماعي أبدا، تشارك الناس في أفراحهم، في أتراحهم، تصل الرحم، هذا كله يفيدك كثيرا، لا تعتمد على العلاجات الدوائية -أخي الكريم- اعتمد على ما ذكرته لك، وتناول الدواء في أبسط حالاته، وحتى إن قيل لك بأنك تعاني من اضطراب في الشخصية الحدية، فهذا كان شيئا من الماضي إن شاء الله تعالى، أنت الآن متجه نحو التوازن، والنضج النفسي، هذا هو الذي نراه، ونسأل الله السداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.