توهان شيء وخوف ويأس من كل شيء

0 539

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد استشرتك يا دكتور أولا ولكني لم أذكر كل شيء؛ لأنني لم أكن متأكدة من الإجابة على سؤالي، ولكن -أحمد الله- أن هداني لأن أستشيرك فيما يحدث لي وشكرا على اهتمامكم، وأرجو من الله أن يجزيكم عن هذا كله خيرا.

لقد بعثت إليك باستشارة سابقة وقلت لي أني مصابة بما يسمى بقلق العصاب، ولكني لم أكمل لك ما أحس به بعد.

أنا حقا أحس منذ فترة تتراوح بين الثلاث سنوات بتوهان مريع، دائما أريد أن أغير من نفسي ومن حولي، ولكني دائما أقف عاجزة، أحس دائما بيأس من حدوث أي شيء، كما أنني لدي إحساس شبه مؤكد بداخلي أن كل أحد ممن حولي من الممكن أن يفعل أي شيء، وفي أي وقت مهما كان ذلك الشيء، لا أعرف أحس وكأني دائما لا أحب كل تصرفاتي، وأحس كأن تلك التي تتصرف ليست أنا على أمل بأن أرجع كما كنت، ولكن للأسف الوضع يزداد سوءا بشكل لا يصدق.

حاولت كثيرا أن أغير ما أفعل ولكن أحس دائما بالضعف ولا أعرف لم.

كما أن هذه الفترة الأخيرة توقفت حتى عن المحاولة؛ لأن الأمر ازداد تعقيدا لا أعرف إن كان هذا متعلقا بشيء نفسي أم بماذا، ولكني أحس أني فقدت القدرة على كل شيء حتى أنني فقدت التركيز بأي شيء، لا أعرف متى سينتهي كل ما أنا به.

إنني أتعذب، وما أنا به يجعلني دائما بحالة عصبية وأدمر ما حولي وألقي باللوم على من حولي.

حاولت تفسير ما حدث لي في السنوات الماضية، ولكني قمت بتفسيره تفسيرا خاطئا، حيث إني ألقيت باللوم على ما يحدث ببيتي وما يفعله والداي وأصحابي.

أعرف أن هذا خطأ، وأعرف أنني وحدي مسئولة عن هذا، بدأت حتى أحس أني أبغض نفسي. يا ليتني أستطيع فعل أي شيء حتى أني أحس أنني سيئة، لأني أدعو الله ولا يتغير أي شيء في حياتي سوى إلى الأسوأ فالأسوأ، وأخاف جدا من المستقبل وما سيحدث به.

أرجو أن تتفهم يا دكتور ما يحدث لي، وأشكرك جزيل الشكر على مساعدتي، وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيرا أيتها الابنة الفاضلة على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية.

حقيقة هذا الشرح الممتاز لحالتك يؤكد أنك فعلا مصابة بالقلق، وهذا القلق جعلك تفرضين رقابة ذاتية داخلية على كل تصرفاتك وأفعالك، وهذا جعلك تسترسلين في التفسير لكل ما يحدث لك بصورة دقيقة جدا، أخذت الطابع الوسواسي.

الذي أنصح به لك هو أن تكوني أكثر تساهلا مع نفسك، لا تراقبي هذه النفس بهذه الدقة، كل الناس تحدث لها بعض أعراض القلق الداخلي، ولكن الإسراف في التمعن والتدقق ومحاولة تفسير كل شيء، هو الذي يزيد من هذا القلق، ويدخل الإنسان في حلقة مفرغة.

أيتها الفاضلة: هنالك أمور كثيرة عن النفس لا زلنا نجهلها ولا زلنا لا نعرفها، يجب أن تثقي بنفسك وبمستقبلك، وأن تركزي على دراستك، وسيكون من الجميل جدا لك أن تتناولي الأدوية المضادة للقلق والعصاب كما شرحت لك في المرة السابقة.

أنا سعيد جدا أنك لم تضعي اللوم على الأبوين؛ لأن الكثير يقوم بذلك، أنا أؤمن تماما أن مرحلة الطفولة هي حلقة ضعيفة في حلقات العمر، ومهما كانت الصعوبات فيها ومهما اعتقدنا أن قسوة ومشاكل الأبوين هي السبب، هذا ليس صحيحا، ومهما كانت هذه الصعوبة فهي تجربة، والتجربة دائما يجب أن تفيد الإنسان من أجل التطور، وليس من أجل العيش في الماضي والحسرة على ما حدث.

لقد شاهدنا الكثيرين الذين عاشوا حياة قاسية وصعبة جدا في طفولتهم، ولكنهم الحمد لله الآن من الناجحين والمثابرين والمفوقين، وكم شاهدنا من عاشوا حياة مدللة وفر فيها كل شيء، عطف الأبوين ومحبتهم والإغداق المالي وخلافه، ولكنهم لم يوفقوا أو لم ينجحوا في حياتهم اللاحقة، من ناحية الكفاءة النفسية والكفاءة العملية والتواصل الاجتماعي وإثبات الذات.

أنت الحمد لله بخير؛ فقط عليك ألا تراقبي نفسك داخليا بهذه الشدة؛ لأن هذا هو الذي يسبب لك القلق.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات