السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي طفل عمره أربع سنوات، نعيش في لندن، وعندما نخرج إلى الشارع يرى المدخنين والذين يلبسون ثيابا فاضحة وغير لائقة، وعندما نرجع إلى البيت يقول لي: أنا أحب أن أدخن! فأقول له: إنك مسلم، والتدخين حرام، ويضر بصحتك، فيقول لي: أنا لست بمسلم! أريد أن أدخن.
وكذلك بالنسبة للأغاني والموسيقى يقول لي: أنا أحبهم، ويكون نفس الحوار السابق، وبعد ذلك يسكت، وبعد أيام يعاود نفس الحديث، فأنا لا أعلم كيف أتعامل معه؟ وماذا أقول له إذا فتح معي مثل هذه المواضيع مرة أخرى؟
وأيضا إذا خرج معي للشارع لا يسمع الكلام، ويجري مني بسرعة حتى تكاد أن تدهسه السيارة، وأقول له مرارا وتكرارا: يا ابني أمسك بيدي ولا يرضى.
بالإضافة إلى أنه يحرجني كثيرا في المحلات بصراخه وبكائه لكي يشتري ما يريد، فأنا لا أستجيب له، ولكن أحيانا أكون مستعجلة للذهاب لموعد محدد فأشتري له، وبصراحة كرهت الخروج بسببه وإزعاجه لي في كل مرة.
أرشدوني كيف أعالج هذه التصرفات وأجعله ولدا مؤدبا ويسمع الكلام. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nada حفطها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يصلح لنا ولك النية والذرية، وبعد:
فإن الصواب هو أن نقابل خطأ الطفل الأول بالتغافل وعدم الاهتمام حتى لا نرسخ عنده الخطأ، فربما عاند الطفل وتمسك بالخطأ ليلفت الأنظار، ويكون محطا للاهتمام والعطف.
ولا يخفى عليك أثر البيئة على الإنسان وخاصة الأطفال فإنهم يتأثرون بسرعة، ونحن نتمنى أن تعودوا إلى وطننا الإسلامي من أجل هؤلاء الأطفال، ولا أظن أن هناك ربحا لمن يخسر أسرته وعياله، ولست أدري هل هناك طفل آخر غير هذا الطفل أم لا؟ لأن مثل هذه التغيرات قد تكون لها علاقة بوجود طفل جديد أو بشعور الطفل بعدم العدل، أو إحساسه بأن هناك من يحاول سحب البساط من تحت قدميه.
ولعل من المفيد الإشارة إلى نماذج من الناجحين في المجتمع حتى يتعلق بهم الطفل بدلا من أولئك الفاشلين، وأرجو أن يسمع منكم عيوب أولئك المنهزمين الذين يعبرون عن شعورهم بالنقص بفعل الأشياء الغربية لفتا للأنظار، وحبا في المخالفة، ولابد من ربطه بالقرآن، وتشجيع سلوكياته الطيبة، ومكافأته عليها، وحبذا لو وجدتم أسرا طيبة ليرتبط بأبنائها مع ضرورة أن يشارك والده في تربيته، ويصحبه إلى المراكز الإسلامية، والأماكن النظيفة، ونتمنى أن تقوموا بتصفية الشوائب بعد العودة إلى المنزل، وترشيح الإيجابيات.
وليس من الضروري أن تمسكي بيده في الطريق، ولكن يمكن أن تطلبي منه أن يمشي إلى جوارك حتى يمنح مقدارا من الثقة، فإن الطفل قد يتضرر من الشفقة الزائدة اللصيقة، والصواب أن تراقبه الأم ولكن من على البعد، فإنه إذا شعر بمراقبتها أخذ في الابتعاد من أجل إزعاجها، أو استرداد عطفها واهتمامها.
وأرجو أن ترفضي الاستجابة لطلباته إذا أصر على الصراخ، وألا تربيه على مراقبة الناس، ولكن على مراقبة الله، فإن بعض الأمهات تقول لطفلها: لا تفعل كذا أمام الناس، وماذا يقول الناس فهذا عيب، والطفل في هذه الحالة عادة ما يفعل العكس، وهذا خطأ في التربية؛ لأنه تدريب عل الرياء والخديعة والمراهنة.
وحبذا لو سمع منك الثناء، ووجد منك اللمسات الحانية، والكلمات اللطيفة، وأرجو أن يكون ذلك بأن يمنع من الذهاب إلى أماكن يحبها، وإظهار عدم الرضى عن تصرفاته، ولكن من دون عصبية وصراخ.
وعليك بتقوى الله، وكثرة الدعاء، فإن الأبناء يصلحون بدعائنا لهم، وتجنبي الدعاء عليه فإن ذلك يفسده كما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله.