زوجي يماطل في السماح لي بارتداء النقاب رغم موافقته، فماذا أفعل؟

0 0

السؤال

السلام عليكم.

قبل الخطبة أوضحت لخاطبي بأنني أريد ارتداء النقاب، فوافق، ولكنه أخبرني بأن ذلك سيكون بعد الزواج.

وبعد كتب الكتاب ذكرته برغبتي مجددا، وموافقته، ولكنه قال لي: أنا وافقت بعد الزواج، وليس بعد كتب الكتاب، والزواج سيكون بعد سنة من العقد، فوافقت، ولكن طلبت أن أضعه في جهازي، فقال لي: اكتفي بالحجاب حتى تمر فترة بعد الزواج، وأنه هو من سيلبسني إياه، ولكنني شعرت بعدم الراحة؛ لأنه أيضا لا يريدني أن ألتزم بالخمار والعباءة، وأن أكتفي بالفستان والطرحة الطويلة؛ لأنه يرى بأن ذلك أجمل!

لقد صدمني كلامه، كما أنه هددني بالطلاق إن فعلت ذلك بدون علمه ورضاه، وسيفقد ثقته بي، وأنه حين يحين الوقت سيلبي لي طلبي، ولكن من منا يضمن عمره؟! كما أنني أخشى الفتنة؛ وخاصة أنني سأعيش في بيت غير ملتزم، وأخاف أن أحيد عن الطريق الذي جاهدت نفسي فيه، فماذا أفعل؟

هل أنتقب وأترك أمري لله، ويقع الطلاق بغير زواج، وأصبح مطلقة؟ أم أكمل زواجي بنفوره مني لأنني عصيته في أمر أبلغني أن أنتظر منه الرد، وخاصة أنه لا يحب أن أعصيه في أي شيء؟

أنا أخاف من أن أهدم بيتا مسلما، وفي نفس الوقت أخاف أن أترك ما هو ستر وواجب، فتكون أول مخالفة تقع مني في بيت بني على هواه، وليس على ما يرضي الله، مع العلم أني استخرت كثيرا، ولكنني حائرة في أمري، أفتوني.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله تعالى أن ييسر لك فعل الطاعات، ويعينك عليها، وأن يسهل لك التزامك بأوامر الله تعالى، والقيام بفرائضه، ونوصيك بالإكثار من دعاء الله تعالى، وسؤاله الإعانة على الخير، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا معاذ إني أحبك، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).

ثانيا: نشكر لك -ابنتنا العزيزة- حرصك على ارتداء الحجاب الشرعي، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ومن علامات سعادتك، واعلمي جيدا، وكوني على ثقة تامة من أن طاعتك لله تعالى لن يجعلها الله تعالى سببا لشقائك وحرمانك، بل الأمر على العكس من ذلك، فإن طاعة الله سبب جالب لكل خير، فقد قال سبحانه في كتابه: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.

والمعصية هي السبب للحرمان من الأرزاق، فقد قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-:" إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه". والتزامك بتغطية وجهك، وارتداء الحجاب الشرعي طاعة لله تعالى، وقيام بواجب أوجبه الله تعالى عليك، فلا تخافي أبدا من أن يكون ذلك سببا للحرمان من رزق قد كتبه الله تعالى لك، فإنما قد قدره الله لك قبل أن تخرجي إلى هذه الأرض، وكوني على ثقة تامة من حسن تدبير الله، وتصريفه للأمور.

وما أشرت إليه في سؤالك من أنك ستعيشين في بيت غير ملتزم، إن كان المقصود به بيت زوجك وأهله، فيزيد الأمر تأكيدا في حقك بأن تكوني ملتزمة بالحجاب أمام الرجال الأجانب في ذلك البيت، كإخوان الزوج، ونحوهم.

وبالنسبة لزوجك فننصحك بالتلطف به بقدر استطاعتك، ومحاولة استمالته بالكلمة الجميلة، وأن حرصك على الحجاب يعود عليك بالنفع بالحفظ والصيانة، ويعود عليه هو أيضا؛ فإن المرأة الصالحة هي التي تحفظ زوجها، في عرضه، وماله، وبيته، ويعود أيضا بالنفع على أولادكما بعد ذلك.

فهذا الكلام اللين الجميل من شأنه أن يلين قلبه تجاهك، فإذا لم يغير موقفه، وكنت أنت ممن يتابع ويقلد العلماء القائلين بوجوب تغطية الوجه، فإنه في هذه الحالة يجب عليك أن تفعلي ما يأمرك به دينك، وما تعتقدين صحته، ولا تلتفتي إلى أحد من خلق الله تعالى، وقد قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وقال: (إنما الطاعة في المعروف).

لكن إن خشيت ضررا كبيرا يقع عليك، ففي هذه الحالة الشريعة الإسلامية جاءت بالمقارنة بين المفاسد بعضها ببعض، وبين المصالح والمفاسد، وبين المصالح بعضها ببعض، فيقدم الإنسان المصلحة الأكبر لتفويت مصلحة أصغر منها، وقد يرتكب مفسدة صغيرة ليدفع مفسدة أكبر منها، وأنت تقرئين في سورة الكهف كل جمعة قصة الخضر مع موسى -عليهما السلام-، فقد خرق السفينة ليحميها لهم من أن يأخذها الملك، فارتكب مفسدة صغيرة ليدفع مفسدة أكبر، وقتل الولد الصغير ليدفع شره عن والديه إذا كبر، وهكذا ينبغي أن يكون فعل الإنسان المسلم.

فإذا خشيت على نفسك من وقوع الطلاق بالفعل، وكان هذا الزوج سينفذ ما هدد به، وكنت تخافين على نفسك من عدم وجود فرص زواج مكافئة، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يمكن أن تتخذي من كشف الوجه مرحلة إلى أن تحاولي كسب زوجك بقدر استطاعتك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

نوصيك باللجوء إلى الله تعالى بصدق واضطرار؛ فإنه على كل شيء قدير، نسأل الله تعالى لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات