كيف أوفق بين رغبتي في التعلم الذاتي والتعليم الرسمي؟

0 31

السؤال

السلام عليكم.

أنا أدرس في الصف الثانوي النهائي، ولم يتبق سوى شهر واحد على الامتحان النهائي، ومشكلتي أني أكره الدراسة، وأحقد عليها، بل وأحتقرها كثيرا، لأن النظام التعليمي عندنا سيئ جدا، ولم يكن يفيدني في شيء، لأنه مليء بالحفظ الأعمى والفهم السطحي، والطرق الخاطئة في التعلم، وقبل ثلاث سنوات اكتشفت التعليم الذاتي، وأحببته كثيرا، وأصبحت أجل التعلم، لأني رأيته على حقيقته، وبعد أن كنت تلميذا متفوقا، بدأت أضحي بالنتائج الدراسية، من أجل صرف الوقت لتعليم نفسي مختلف المهارات والمعارف الدينية، وغير الدينية، أما المدرسة فكنت أعمل لأحصل على درجات لأنجح بها فقط.

مشكلتي هي مع أهلي الذين لا يقدرون قيمة التعليم الذاتي، ويقدسون النظم الرسمية، بسبب تأثير المجتمع، وكانوا يحولون بيني وبين تعليم نفسي، لأنهم يريدون علامات متفوقة، كما في السابق، لكن هذا يتعبني نفسيا جدا، لأني أحب العلم كثيرا، وأهلي يحرمونني منه بحجة المدرسة الواهية، أنا أريد نقاطا كافية للنجاح فقط، وحاولت توضيح الأسباب، لكن في كل مرة يصرخون في وجهي، وهذا ما يملأ قلبي حزنا، فأذهب وأبكي في خلوتي، خاصة عندما أجد أقراني في الإنترنت سباقين لتعلم كل ما هو مفيد، بينما أنا أعاني للحصول على إذن فقط.

سؤالي: لقد قالت لي أمي: (إنها تريد نتيجة ممتازة في النهائي لترضى عني، وإلا فإن كان رأسك مملوءا بغير ذلك فالله يعينك)، هل من الواجب علي الدراسة في هذه الحالة أمام الله تعالى؟ هل يحق لها اشتراط مثل هذا لنيل رضاها؟

أرجو أن يتم الأخذ بالاعتبار أن الدراسة ليست علما بالنسبة لي، وهي من أثقل الأشياء على قلبي، وأمي تتحدى الناس بدراستي -على حد قولها- وكان الناس يؤذونها بكلامهم عني بأني فاشل في الدراسة، رغم أني لا أبالي بذلك، لأني أعلم أنهم يضيعون وقتهم في لا شيء، لكن هذا قد يؤذي أمي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نتفهم تماما معاناتك والصراع الذي تمر به بين رغبتك في التعلم الذاتي، وضغوط المجتمع والنظام التعليمي التقليدي، هناك بعض النقاط المهمة التي يمكن النظر فيها لفهم هذا الوضع، وتحليله من الناحية النفسية والإسلامية:

1. لديك حب كبير للعلم، ورغبة في تطوير مهاراتك ومعارفك، من خلال التعلم الذاتي، هذا شيء إيجابي جدا، ويعكس نضوجا ووعيا عاليين.

2. عائلتك -وخصوصا والدتك- تتوقع منك التفوق في النظام التعليمي التقليدي، وهذا نابع من حبها وحرصها على مستقبلك، بالإضافة إلى تأثير المجتمع عليها.

3. الصراع بين ما ترغب فيه وما يطلبه منك أهلك، يمكن أن يسبب ضغطا نفسيا كبيرا، ويؤدي إلى شعور بالحزن والإحباط.

4. بر الوالدين من أهم القيم في الإسلام، قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وقضىٰ ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) (الإسراء: 23).

5. الإسلام يحث على طلب العلم بكل أنواعه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" (ابن ماجه).

الإجابة على أسئلتك:

1. هل من الواجب علي الدراسة في هذه الحالة أمام الله تعالى؟
- نعم، من الواجب عليك احترام رغبات والدتك، والعمل بجد لتحقيق نتائج جيدة في الامتحانات، هذا جزء من بر الوالدين والإحسان إليهما.

2. هل يحق لها اشتراط مثل هذا لنيل رضاها؟
- من حق الوالدين أن يتوقعا من أبنائهما الاجتهاد في الدراسة والنجاح، خصوصا إذا كان ذلك لصالح مستقبلهم، ومع ذلك، يجب أن يكون هناك توازن بين تحقيق هذه التوقعات، واهتماماتك الشخصية.

الحلول الممكنة:
1. حاول تنظيم وقتك، بحيث تتمكن من الدراسة للامتحانات، وفي نفس الوقت تخصص وقتا للتعلم الذاتي الذي تحبه.

2. حاول التحدث مع والدتك مرة أخرى، بأسلوب هادئ ومنطقي، ووضح لها أهمية التعلم الذاتي بالنسبة لك، وكيف يمكنك تحقيق توازن بين الاثنين.

3. خلال هذا الشهر، اجتهد في الدراسة، وحقق النتائج الجيدة التي ترضي والدتك، خاصة وأن بعض الجامعات والتخصصات يطلبون درجات معينة؛ مما يعني أن الطالب يحتاج للاجتهاد حتى يقبل في التخصص المطلوب، وبعد الامتحانات يمكنك التركيز أكثر على التعلم الذاتي.

4. توجه إلى الله بالدعاء، واطلب منه العون والتوفيق في دراستك، وتحقيق التوازن بين طموحاتك ورغبات أهلك.

تذكر أن رضا الوالدين من رضا الله، وأن الاجتهاد في الدراسة يمكن أن يكون وسيلة لتحقيق أهدافك في المستقبل، حافظ على حبك للتعلم ولا تجعل أي شيء يعوقك عن تطوير نفسك ومعارفك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد في امتحاناتك، وفي كل مجالات حياتك.

مواد ذات صلة

الاستشارات