هل يمكن أن نفضل الكافر على المسلم، فقط بأخلاقه الحسنة؟

0 1

السؤال

السلام عليكم

كيف تفسرون امتلاك من نسميهم "الكفار" قلوبا إنسانية، رغم ابتعادهم عن الله وشرائعه، بل على العكس، قد يدعمون أمورا محرمة كالشذوذ وغيره؟

نراهم يعرضون أنفسهم للضرب والاعتقال في سبيل الدفاع عن الأبرياء ومحاربة الظلم، بينما نجد بعض المسلمين ما زلنا نحاول إقناعهم بمقاطعة المنتجات!

أليس إحياء القلوب مرتبطا باتباع الدين؟ وما نراه الآن يبدو عكس ذلك تماما!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Saber حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يصلح أحوال المسلمين، ويردهم إلى دينه ردا جميلا، وأن يعينهم على القيام بتعاليم هذا الدين العظيم، حتى يكونوا قدوة صالحة للبشرية، فتهتدي بهديهم، كما كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

نحن نشاركك النظر -أيها الحبيب- والرأي في أن المسلم ينبغي أن يكون متصفا بأجمل الصفات، ولا سيما الأخلاق التي دعاه الله تعالى بالاتصاف بها، مثل الرحمة بمن يستحق الرحمة من المخلوقين، فإن الله تعالى جعل من أسباب الفلاح والنجاة والفوز والتواصي بالمرحمة، وجعلها عقبة كؤودا أمام الإنسان، وأنه لن ينج من الأهوال إلا إذا كان متصفا بهذا الوصف العظيم، قال: (فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة * ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة).

إن شأن المسلمين، ليس فقط أن يرحموا، ولكنهم يحضون الآخرين ويحثونهم على رحمة الإنسان الضعيف، مسلما كان أو غير مسلم، بل المسلم أولى الناس بنصرة المظلوم ودفع الظالم عن المظلوم أيا كان دين هذا المظلوم، وقد قال بعض المفسرين في قول الله سبحانه وتعالى: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هـذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا)، فقد قال بعض المفسرين بأن هذا فيه حض على القتال في سبيل إنقاذ المستضعفين، ونصرة المظلومين من الرجال والنساء والولدان ولو كانوا كفارا، ما داموا يستغيثون ويصرخون يريدون من ينقذهم من ظلم الظلمة.

هذا هو ديننا، يأمرنا بأن نرحم الضعيف، وأن ننصره، وإذا كان هذا الضعيف مسلما تضاعفت هذه الحقوق، لهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يسلمه"، فلا يظلمه بنفسه، ولا يسلمه لمن يظلمه، ولا يخذله إذا وقع في ظلم، بل ينصره بقدر استطاعته.

هذه هي ديانتنا، وهذا هو توجيه ربنا، ولكن المسلمين كما ترى الأكثر منهم مستضعفون أيضا، يعانون ما يعانون من أنواع القمع والظلم الذي يمارس ضدهم، فلا غرابة ألا يهب لنصرتهم من يحتاج النصرة من إخوانهم، وبعض المسلمين يعيش حالة من الغفلة والانغماس في الشهوات والانشغال بالدنيا، حتى قست القلوب، ونسي بعض المسلمين واجبهم وما ينبغي أن يقوموا به.

مع هذا كله -أيها الحبيب- فإن المسلم وإن أساء في بعض الجوانب؛ إلا أنه يبقى هو خير المخلوقين على هذه الأرض؛ لأنه يعرف الله تعالى، ويؤمن به، ويوحده، ويؤدي بعض حقوق الله تعالى، وأهم هذه الحقوق توحيد الله سبحانه وتعالى، والإقرار له بأنه الخالق المالك المدبر، وأنه وحده الذي يستحق أن يخضع له العباد ويعبدوه، بينما ينازع في هذا الحق الإلهي المشركون على اختلاف أصنافهم، فهم واقعون في منازعة الله تعالى حقه، وهذا أعظم الظلم، ولهذا قال الله تعالى: "إن الشرك لظلم عظيم".

فلا تصح المقارنة أبدا بين المؤمن الذي يقر بحقوق الله تعالى على هذا النحو، وبين الكافر الذي ينازع الله تعالى الحق، وإن وجد في بعض الكفار بعض الصفات الحسنة المحمودة، فهذا يحسب لهم، والله تعالى يجازيهم به في الدنيا، وقد قال عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- في وصف النصارى من أبناء الروم، قال وهو يصفهم بما فيهم من المحاسن، قال: خيرهم لمسكين ويتيم وضعيف. فهذه الصفات قد توجد في بعض الكافرين، ولكنها لا تعني أبدا التزكية المطلقة لهم، وأنهم مصيبون في كل جانب.

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يردهم إلى دينه ردا جميلا.

مواد ذات صلة

الاستشارات