السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ سنتين تقريبا، وحاليا حامل -ولله الحمد-، زوجي رجل صالح وقائم على جميع واجباته على أكمل وجه، وأنا سعيدة معه.
مشكلتي مع والدتي، فهي لا تحب زوجي وتراه بخيلا، ومقصرا في حقي، وتتحدث عنه بالسوء كلما زرتها، مما يضايقني جدا، فتشتكي منه حتى عند إخواني، وتفعل ذلك أمامي وبشكل مستمر.
إخواني يحبون زوجي، ولا يشتكون منه، الآن هي لا تكلمني، وغاضبة علي؛ لأنها سألتني سؤالا عن حياتي الزوجية وتهربت من الجواب بأمر من زوجي، حيث حدثت مواقف في الماضي، وتدخلت أمي في حياتنا، مما سبب مشاكل بيننا، وأمرني زوجي ألا أتحدث معها أبدا عن حياتنا الزوجية.
أنا أطيع زوجي، ولكن والدتي لا تتفهم ذلك، بل تراني ضعيفة الشخصية، ولا أفهم شيئا، وبأن زوجي يتحكم بي ويخدعني، ودائما ما أتحدث عنه بالشيء الحسن أمامها، لكنها تستصغر كل ما يفعله، مع أن زوجي كريم جدا، وقد اشترى لنا أرضا لنبني فيها بيتا لنا، ولكن أخبرني أنه لا يريد أحدا من أهلي أن يعرف عن هذا الموضوع، خصوصا أمي حسب الحديث: (اقضوا حوائجكم بالكتمان) وأمي ترى منزلنا الحالي هو وأثاثه غير مكتمل، بسبب أننا سننتقل لبيت ملك، فتظن أن زوجي بخيل.
تعبت جدا، فلا أريد أن تتضايق أمي مني أبدا، ويكسر قلبي أنها أصبحت لا تطيق الحديث معي بسبب زوجي، أنا أعلم بأهمية طاعة الزوج، وهي مقدمة على طاعة الوالدين، ولكن يوسوس لي الشيطان عندما يحصل شجار صغير بيننا، فأقول في نفسي: لماذا أطيع هذا الرجل، وأمي الغالية لا تكلمني بسببه؟ وتراودني أفكار بتركه، وأن أذهب لأمي وأقبل قدميها، فأستعيذ من الشيطان.
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نون حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يزيدك حرصا على بر أمك، ونحن نأمل -أيتها البنت الكريمة- أن يكون هذا البر مفتاحا لكل خير في حياتك، وأن يجعله الله تعالى سببا لسعادتك، كما نهنئك أيضا بما من الله تعالى به عليك من هذا الزوج الصالح الطيب، ونوصيك بأن تشكري نعمة الله تعالى عليك، ومن شكر النعمة أن تؤدي الحقوق الواجبة عليك لله سبحانه وتعالى ثم لزوجك، وأن تحرصي على طاعته في المعروف، والإحسان إليه، وحسن معاشرته، فهذا كله من مظاهر شكر نعمة الله تعالى، والله تعالى يقول: (لئن شكرتم لأزيدنكم).
احذري من أن يتسلل الشيطان إلى قلبك، فيجعلك تتخذين قرارات تدمر حياتك الزوجية، فإن هذا أقصى ما يتمناه الشيطان، فإنه يسعى جاهدا لتفريق الأسرة، وتطليق المرأة من زوجها، وينشر جنوده من الشياطين، لتحقيق هذه المقاصد الخبيثة، وأحب الجنود إليه -كما دل على ذلك حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو من يأتيه ويقول: (ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته).
إذا أدركت هذه الحقيقة، وأدركت أن الشيطان حريص على تحقيق هذا المقصود، سهل عليك أن تدفعي وساوسه، وأن تدركي بأن كل ما يحاول الشيطان أن يزينه لك هو من البر بأمك والإحسان إليها وعدم إغضابها، وأن ذلك كله مقدم على حسن التعامل مع زوجك، كل هذه حيل شيطانية يريد من خلالها الوصول إلى غايته وأهدافه، فاحذري كل الحذر من الوقوع في هذه الحبائل الشيطانية، واعلمي أنه لا تعارض أبدا بين القيام بحق زوجك وبين بر أمك.
ليس من حق أمك أن تتدخل بهذا الشكل الذي ذكرته في سؤالك، من المطالبة لزوجك بأمور لا تلزمه، فالنفقات الواجبة على الزوج لزوجته محصورة ويسيرة، وأنت قد ذكرت في سؤالك ما هو أكثر منها، مما يبذله الزوج، والواجب بعد ذلك هو أن تقومي أنت بدورك من أداء العشرة الحسنة المطلوبة شرعا منك لزوجك، وهذا لا يعني الإساءة لأمك، فبإمكانك أن تجمعي بين الحسنيين، فلا تغضبي أمك بعقوقها والإساءة إليها، ولا تهملي حق زوجك، أو تقدمي إرضاء أمك على حساب تضييع حقوقه.
هذه المقارنة التي يحاول الشيطان أن يعقدها في ذهنك، وهي أنك مخيرة بين طاعة هذا الرجل وبين أمك الغالية، هي مقارنة يريد الشيطان من خلالها أن يجرك إلى الغرض والهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، وهو تفريقك عن زوجك، فاحذري من هذا كله، واعلمي أن الشريعة الإسلامية توجب على المرأة أن تطيع زوجها، ولو أمرها بعدم الذهاب إلى والديها، وأن حق الزوج مقدم على حق الوالدين في البقاء في البيت، والقيام بحق الزوج، ونحو ذلك من الحقوق التي تترتب على الزوجة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.