السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حالتي هي أمراض وصدمات نفسية قديمة أكثر من 6 سنوات دون أي علاج دوائي، رغم أنني زرت طبيبين نفسيين، ولم يصفوا لي أي دواء، فقط اكتفوا بالعلاج المعرفي السلوكي.
استطعت من خلال هذه التقنية، التخلص من عدة ذكريات سيئة ومؤلمة، وتعلمت كيف أتقبل نفسي، وظروفي، وحتى الوسط الذي ترعرعت فيه، السبب الأول في معاناتي انتهى، وغيرت مكان إقامتي، رغم تحسن ظروفي بنسبة 70% تقريبا، ونسياني للماضي، والظروف القاسية التي كبرت فيها، إلا أن الآثار لا زالت مستمرة، لا أستطيع الوقوف على قدمي.
القولون العصبي لا يفارقني، وهناك دوخة ليلا، ونهارا، أسير بين الناس كالتائه الغائب عن الوعي، أرى العالم ضبابيا وكأني نائم، أعاني في صمت، أرق ووساوس لا تنتهي، والأمر الجديد الذي زادني معاناة هو الوسواس القهري من نوع الأفكار المتسلطة، سخيفة غير منطقية، التخلص منها يبدو لي أمرا شبه مستحيل، بل بالعكس، أخاف أن أجن بسبب هذه الأفكار وأفقد عقلي.
أشعر وكأنه أصبح لي عقل آخر، غبي سخيف، يلقي بأفكار غبية عدوانية، سيئة المحتوى، حتى إني أستحي من ذكرها! وفي الوقت ذاته يبدو لي ذكيا، إذا لم أتقبل هذه الأفكار يصورها لي وكأنها طبيعية عادية، وكأن شخصا مجنونا سكن عقلي يريد بي الهلاك.
للأسف، لا أستطيع أبدا التخلص منها، أرى أني محتاج لدواء، أو جسدي يخبرني بذلك، وكيف أحصل على الدواء الذي تكتبونه؟
أنقذوني، فأنا الآن بين طريقين، إما الجنون أو الانتحار!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
أخي: التغيرات السلوكية الإيجابية التي حدثت لك بعد مقابلة الطبيبين هي تغيرات جيدة، وطبعا العلاج المعرفي السلوكي هو من المناهج المعروفة، فأرجو أن تطبق نفس الفنيات التي تعلمتها من خلال مقابلاتك مع الأطباء النفسيين.
والحمد لله تعالى أنت مدرك لحالتك تماما، ولديك بصيرة كاملة، والأفكار الوسواسية -أخي الكريم- تحارب من خلال التحقير والتجاهل، لا تناقش هذه الأفكار أبدا، واستبدلها بأفكار مضادة لها، وهذا نسميه بـ (صرف الانتباه)، وهو من الوسائل العلاجية الممتازة جدا، كما أنه من الضروري أن تتجنب الفراغ، الفراغ الزمني والفراغ الذهني؛ لأن الفراغ كثيرا ما يولد القلق ويولد الوسوسة والمخاوف وعسر المزاج.
أنت ذكرت أنك لا تعمل، لكن من الضروري جدا أن تنخرط في عمل، حتى وإن كان عملا بسيطا، ابحث وابحث، -وإن شاء الله تعالى- سوف تجد، والعلاج من خلال العمل مهم جدا؛ لأن العمل يؤدي إلى تأهيل نفسي كبير جدا.
أخي: تنظيم الوقت مهم جدا، أرجو أن تربط نفسك أيضا ربطا اجتماعيا إيجابيا، مثلا تتعرف إلى بعض الشباب الجيدين، الشباب المسلمين أصحاب الأخلاق الطيبة، -إن شاء الله تعالى- تجد منهم يد العون، والرفقة والصحبة الطيبة في مثل عمرك نعتبرها مهمة جدا.
أخي: كن بارا بوالديك، هذا ننصحك به كثيرا؛ لأن في ذلك خير كثير يقودك نحو الاستقرار النفسي، -وإن شاء الله تعالى- تنتهي هذه المشاعر السلبية وعسر المزاج والأفكار المزعجة بالنسبة لك.
العلاج الدوائي: نعم أنت محتاج لدواء يحسن من مزاجك ويعالج هذه الوساوس، وأنا أرى أن عقار (فافرين)، والذي يسمى (فلوفوكسامين) دواء جيد، وفي بعض الدول الدواء يمكن الحصول عليه دون وصفة طبية، فيمكن أن تذهب وتجرب ذلك من الصيدليات، وبعض الدول تشترط أن يكتب الدواء بواسطة طبيب، إما طبيب مختص كطبيب نفسي، أو طبيب الأسرة، وفي هذه الحالة طبعا تحتاج أن تذهب وتقابل طبيبا، حتى وإن كان طبيب الأسرة، وتوضح له أعراضك، وأننا نصحناك بتناول الفلوفوكسامين.
جرعة الفافرين تبدأ 50 مليجراما ليلا، تتناولها لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة 100 مليجرام ليلا، لمدة شهر، ثم اجعلها 150 مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم 200 مليجرام ليلا، لمدة شهرين أيضا، ثم 100 مليجرام ليلا، لمدة شهر، ثم 50 مليجراما ليلا، لمدة شهر، ثم 50 مليجراما يوما بعد يوم، لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هو دواء سليم وفاعل وغير إدماني، وإن شاء الله تعالى يفيدك كثيرا، توجد أدوية أخرى، لكن الفافرين يعتبر مفيدا جدا في حالتك.
أزعجنا كثيرا ما قلته عن الانتحار، وأنت شاب مسلم، والمسلم لا ينتحر ولا يفكر حتى في الوقوع في هذه المعصية العظيمة، والتي لا تنهي عذابه، وإنما ببساطة هي تنقله من تعب مؤقت في الدنيا، إلى عذاب دائم خالد في الآخرة، ولا أخالك تريد أو تتمنى ذلك لنفسك، ولمزيد من الفائدة راجع هذه الروابط: (2396489 - 2235846 - 2136740 - 2411187).
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.