السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا كنت -ولله الحمد- ملتزمة بالحجاب الشرعي الصحيح، الذي يكشف الوجه والكفين، إلا أنني كنت أضع مساحيق التجميل بصورة خفيفة، ومهما حاولت عدم وضعها إلا إنني أقع في الذنب ذاته بعد فترة، لذا قمت بارتداء (اللثمة) ومن وقتها توقفت عن وضع مساحيق التجميل، وأحببت اللثمة، وأردت ارتداء النقاب، وأقصد ما هو دارج في الأسواق: نقاب يظهر العينين، مع القليل من الوجه من الجانب، إلا إنني رأيت فتاوى للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وغيره من علماء الفقه بتحريمه.
أنا كطالبة ذات حاجة للعمل في المستقبل -بإذن الله-، فإن النقاب الصحيح سيمنع عملي، أما النقاب الدارج فأفضل، فهل أرتدي النقاب الدارج؟ حيث إن فيه من الستر -من وجهة نظري-، أم أن كشف وجهي أفضل ويرضي الله أكثر؟ علما أنني لن أعود لوضع مساحيق التجميل -بإذن الله-، وهل النقاب الدارج يبطل حجابي أم لا؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونهنئك بفضل الله تعالى عليك، وبما من به عليك من تحبيب الحجاب إليك، فهذا فضل كبير ينبغي أن تشكريه، ليزيدك تعالى توفيقا وهداية إلى ما أعطاك، ومن مظاهر شكر هذه النعمة الحفاظ عليها، وأن تدومي عليها وتثبتي عليها، وخير ما يعينك على ذلك هو أن تتعرفي إلى من يشاكلك من النساء في الالتزام، فإن الإنسان مدني بطبعه يتأثر بمن حوله، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)، ومعنى على دين خليله: أي أخلاقه.
تغطية الوجه قد تنازع فيها العلماء، هل يجب على المرأة أن تغطي وجهها أمام الرجال الأجانب أو لا يجب؟ فبعضهم يرى وجوب ذلك؛ حتى لا تكون معينة لمن ينظر إليها على الإثم والمعصية، والله تعالى يقول: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ومن العلماء من يرى بأن ذلك لا يجب، والأحوط -بلا شك- والأفضل أن تخرج المرأة المسلمة من هذا الخلاف بين الفقهاء، فتغطي وجهها، وتغطيته بالنقاب -الذي تسمينه أنت النقاب الدارج- خير وأفضل من كشفه مطلقا، على خلاف ما تتوهمين أنت.
فالشريعة الإسلامية جاءت بتقليل المفاسد، إن لم تستطع إلغاءها كلها، فإنها تسعى إلى تقليلها، وكون بعض العلماء يرى بأن نوعا معينا من النقاب لا يجوز، لأنه يرى أنه لا يغطي الوجه على الطريقة التي يرى وجوبها هو، بأن تغطية الوجه -كما قلت- محل نزاع، وخلاف بين العلماء، فالذي يرى وجوب تغطية الوجه، يرى بأن المرأة يجب عليها أن تغطي وجهها، وتدع العينين فقط، وهذا هو النقاب المعروف.
ومن ثم فقد يقول بتحريم نقاب آخر، لا يتحقق به هذا الوصف، فإذا استطعت أن تفعلي هذا، فهذا خير وأفضل وأحسن، وغيرك من النساء -ولله الحمد- كثير يفعلن هذا النوع من النقاب، دون نكير من أحد من الناس، ولست وحدك، لا سيما في بلدان جزيرة العرب، لا تزال المجتمعات -ولله الحمد- معتادة على ارتداء المرأة للنقاب دون نكير، وإن كان الأمر يحتاج إلى قليل من الصبر والاحتساب، فإن التكاليف الشرعية كلها ثقيلة على النفس، وهذا هو ميدان الامتحان والاختبار، فإن الله تعالى خلقنا في هذه الدنيا للفتنة والاختبار والامتحان، ثم نوفى جزاء أعمالنا في الدار الآخرة، فالموفق من جاهد نفسه لمرضاة الله تعالى، وأخذ بأسباب الرحمة والثواب الجزيل.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلك من الفائزات الصالحات المصلحات، وأن يعينك على الخير، ونسأله أن يوفقك للخير، ويعينك عليه، والله الموفق.