شد في فروة الرأس والأضلاع والدكتور يقول أنت تتوهم المرض!

0 30

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

استشارتي تتمثل في أعراض جسمية: منذ ثلاث سنوات تعرضت لموقف ضاغط وانفعال، فشعرت بشد فروة الرأس، والأضلاع، والصدر، والبطن، وضيق التنفس بشكل شديد، ذهبت إلى الطبيب وعمل اللازم: بداية من الكشف السريري، ثم رسم القلب، وطمأنني وقال: أنت تتوهم المرض.

حقيقة أنا متأكد أنها أعراض وهمية، ولكنها مزعجة عند التركيز عليها، والأعراض جعلت حياتي غير سعيدة، وأموري الاجتماعية والمادية والزوجية بخير -الحمد لله-، فأنا مواظب على صلاتي، وأفعل الخير قدر المستطاع.

تعبت من الأعراض ولا أجد الحل عند الأطباء، أرجو النصيحة والحل، وآسف على الإطالة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رشاد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أقول لك: إنك غير متوهم، هذا الكلام ليس صحيحا، لكن لا يوجد لديك مرض عضوي، أنت تحس بأعراض جسدية وهذا إحساس حقيقي وليس توهما، ولماذا تحس بهذه الأعراض؟ لأنك في الغالب تعاني من قلق نفسي داخلي، والقلق النفسي يؤدي إلى توترات نفسية، والتوترات النفسية تتحول إلى توترات عضلية، وهذه التوترات العضلية تظهر في أجزاء معينة من الجسد، مثلا: عضلة فروة الرأس هي عضلة كبيرة جدا، وأي نوع من التوتر في هذه العضلة يجعل الإنسان يحس مثلا بالشد في فروة الرأس، والأضلاع والصدر أيضا هي من الأماكن التي تحدث فيها الانقباضات العضلية كثيرا؛ لأن الصدر يحتوي على القلب والرئتين، وهما أهم عضوين في جسم الإنسان، وحولهما تتمركز الحياة.

فالقلق والتوتر الداخلي –أي المقنع– يؤدي إلى توتر في عضلات القفص الصدري، ولذا تحس بما تحس به خاصة من الشعور بالكتمة وضيق في التنفس، وبالنسبة للبطن أيضا نعرف أن ما يسمى بالقولون العصبي –أو العصابي– منتشر جدا بين الناس، وهو عبارة عن توترات تصيب عضلات القولون، وهي ثانوية، أو ناتجة من التوتر النفسي.

أخي الكريم: أرجو أن تتقبل هذا التفسير، وهو التفسير العلمي الصحيح، وأنت غير متوهم، لكن توجد لديك هذه الظاهرة النفسية، لذا نحن نسمي هذه الأعراض بالأعراض النفسوجسدية.

أخي: أنت لديك الكثير جدا مما نسميه بعوامل الحماية، فلديك -الحمد لله تعالى- الجوانب الاجتماعية الجيدة، ولديك الجوانب المستقرة، وحالتك المادية طيبة، وأنت رجل -ما شاء الله- حريص على الصلاة وبقية العبادات، فهذه نسميها بعوامل الحماية، ويجب أن تستفيد منها من خلال التفكير الإيجابي.

والأمر الآخر: أريدك أن تجعل نمط حياتك نمطا إيجابيا بصفة عامة، ونمط الحياة الإيجابي يتطلب منك ممارسة الرياضة، ورياضة المشي ستكون أفضل أنواع الرياضات بالنسبة لك، والرياضة تقوي النفوس كما تقوي الأجسام.

ثانيا: تجنب السهر، هذا مهم جدا؛ لأن النوم المبكر يؤدي إلى ترميم كامل في عضلات الجسم وفي نفس الإنسان، والإنسان حين ينام مبكرا ويستيقظ مبكرا وهو نشيط يؤدي صلاة الفجر في وقتها، وبعد ذلك ينخرط في بقية شؤون حياته، والبكور فيه بركة كثيرة.

ثالثا: لا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية، دائما كن في المقدمة: في الأفراح، وفي الأتراح، وزيارة الأرحام، وزيارة الجيران، هذا كله نوع من العلاج المهم بالنسبة لك.

الحمد لله لديك وظيفة، وأرجو أن تطور نفسك مهنيا، ودائما ضع لنفسك أهدافا إيجابية، وضع الوسائل والأسس التي تجعلك تصل لهذه الأهداف.

أخي الكريم: سيكون من المفيد جدا إذا كان لديك مثلا طبيب –كطبيب الباطنية أو طبيب الأسرة– تراجعه مثلا على الأقل مرتين في السنة، وذلك من أجل إجراء الفحوصات المعروفة: التأكد من وظائف الجسد؛ كوظائف الكلى والكبد، والغدة الدرقية، ومستوى الدهنيات، ومستوى الهرمونات، ومستوى الأملاح، والفيتامينات، خاصة فيتامين (د) وفيتامين (ب12)، ويتأكد الطبيب طبعا من مستوى الضغط لديك. هذه الزيارات الطبية المنتظمة من أفضل السبل لعلاج الاضطرابات النفسوجسدية.

بعد ذلك أقول لك: ليس هناك ما يمنع أن تتناول أحد الأدوية المضادة للقلق والمحسنة للمزاج، فهذه تفيد كثيرا، هناك عقار مثل: (ترازودون Trazodone) من الأدوية الممتازة جدا، يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم اجعلها مائة مليجرام ليلا، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناوله، لا يحتاج لأي نوع من التدرج في التوقف منه، لكنه قد يزيد من درجة النوم لديك، ولا بأس في ذلك، وإن كان نومك جيدا وممتازا ففي هذه الحالة يمكن أن تتناول الدواء الجديد الذي يسمى (فورتيوكستين Vortioxetine) ويسمى تجاريا (برينتيليكس Brintellix)، فهو دواء ممتاز ورائع جدا، وجرعته هي أن تبدأ بخمسة ملجم إذا وجدتها -وإذا لم تجد الخمسة ملجم ابدأ بعشرة مليجرام مباشرة- الخمسة ملجم إذا وجدتها تناولها لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك اجعلها عشرة ملجم يوميا لمدة ستة أشهر مثلا، ثم اجعلها عشرة ملجم يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناول البرينتيليكس.

لا أعتقد أنك تحتاج لأي نوع من التدرج في التوقف منه، وهو دواء ممتاز حقيقة، من الأدوية الجيدة، وقليل الآثار الجانبية، ويفيد كثيرا في الأعراض النفسوجسدية.

أضف إلى البرينتيليكس هناك دواء آخر يساعد يسمى (دوجماتيل Dogmatil)، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (سولبيريد Sulpiride) أريدك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما يوميا في الصباح لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات