السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة من رجل هو أصغر إخوته، وهو إنسان طيب ومتدين، نحن متفقان -ولله الحمد-، لكن المشكلة أنه يتخلى عن شخصيته أمام أمه المتسلطة عليه، التي تسعى جاهدة بشكل مباشر وغير مباشر لإفساد العلاقة بيننا، فهي تكثر من مدح نساء وفتيات أخريات، وفي المقابل تتصيد عثراتي وأخطائي، ولاحظت أن هذا الأمر أثر في زوجي بالماضي.
وأحيانا تخطئ في حقي ويشهد زوجي ذلك، ولكن ما إن تحدثه وتكلمه حتى ينقلب علي ويلومني، ويجعلني المذنبة من سرعة تأثره، وقس على ذلك، فكلما أكثر الجلوس معها ازداد تأثره بكلامها، وصار ينظر إلي بعين أمه، لا بإحساني وتعاملي معه، ويبرر ذلك كله ببر والدته!!
يشهد الله أني كنت وما زلت أحسن لها وأعاملها مثل أمي، ولكنها تحرضه علي بطرق غير مباشرة، والمشكلة عندما أخبره بقصدها وأعمالها يتهمني ويجعل المشكلة بي، حتى عندما نزورها أرى نظراته وهو يراقبني، وكأنني الظالمة المعتدية.
حائرة، لا يمكنني قطع علاقته بأهله، وفي المقابل أعلم أن أسرتي لن تستمر ما دامت هي على حالها من التحريض، وهو على طريقته في البر، فهل يعتبر استماعه لثناء أمه المتكرر للنساء، دون أن يحاول إيقافها مباحا، أم لا؟ فأنا أعتبره خيانة لي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يديم الألفة والمحبة بينك وبين زوجك، وأن يحفظ أسرتكم من كل سبب يؤدي إلى شتاتها وتفرقها.
ثانيا: نحذرك من الاسترسال مع هذه الأفكار وحديث النفس؛ الذي يحاول الشيطان أن يؤجج ناره في قلبك، ويسعى لغرس وزرع بذور الكراهية والنفور بينك وبين زوجك، فإنه حريص كل الحرص على تفريق الأسرة، ويحاول أن يزين القبيح، ويظهر الأمور على خلاف حقيقتها، بينما لو أن الإنسان نظر إلى الأمور بهدوء وروية، ونظر في عواقب الأمور، وأدرك أن كل شخص منا تربطه بالآخرين علاقات تترتب عليها حقوق وواجبات؛ إذا نظر بهدوء في هذه الأمور كلها، فإنه سيصل إلى قرارات صائبة وسلوك قويم، يستطيع أن يتعامل به مع من حوله.
وزوجك -كما وصفته أنت- إنسان طيب ومتدين، وهذا يساعدك كثيرا على الحفاظ على أسرتك دون مشقة كبيرة، وكونه أصغر إخوانه سيحظى -بلا شك- بمنزلة خاصة لدى أمه، وهي قد تأخذها الغيرة حين ترى غيرها ينازعها في هذا الولد، فينبغي أن تكوني أكثر صبرا وحكمة، في كيفية التعامل مع أم زوجك، وأن تقدري هذه المشاعر التي تعيش هي في ظلها، فتحاولي إزالة الغيرة من نفسها، بأن تشعريها بأنك أنت وزوجك جميعا أبناؤها، وتحاولي إيصال هذه الرسائل إلى قلبها، وأنك لم تنزعي منها ولدها، وأنكم تشكلون إضافات جديدة إلى هذا الولد، وأنك وأنت وأبناؤك أرقام وأشخاص جدد، هم في قلبها بمنزلة الولد نفسها، فحينها -بلا شك- ستجد نفسها قد تخففت من أعباء الغيرة، وسيتغير أسلوبها وطريقة تعاملها معك.
لا تغفلي هذا الجانب أبدا، وينبغي أن توليه حقه من الاعتناء والاهتمام، وحاولي أن تتغلبي على مشاعر الغيرة لديك أنت، فالزوجة أيضا في المقابل تحب أن تستأثر بزوجها، وأن ترى علاقاته جلها وكلها معها، وتتناسى أو تنسى طبيعة الروابط الأسرية الأخرى، وأن الولد -ولاسيما إذا كان متدينا وبارا-، لا يمكنه أبدا أن يعطي قلبه كله لزوجته وينسى أمه.
فالتعامل مع الأمور بموضوعية وتوازن سيريحك كثيرا، ويحفظ عليك بيتك، كما أنه يحفظ مكانتك في قلب زوجك؛ فإن محاولة الاستئثار بالزوج قد ينفره منك، ويؤكد في نفسه أنك لا تحسنين التعامل مع أمه، فاحذري من تغير القلوب، ونؤكد مرة ثانية أنه لا بد من الحذر في هذا من مكر الشيطان ومخادعته، فإنه السبب الأكبر الذي يسعى ليل نهار، لإيقاع البغضاء والكراهية، ويريد من خلال ذلك الوصول إلى تفريق هذه الأسرة بعد بنائها.
وأما ما ذكرته من مدح أمه للنساء وعدم إيقافها من قبله، فهذا هو الواجب عليه شرعا، الواجب ألا يغضب أمه، وأن يتركها تتحدث ما لم تتحدث بإثم، وإذا تحدثت بإثم فإنه لا يجوز له أيضا أن ينكر عليها، إذا كان سيغضبها هذا الإنكار، فهذا هو الموقف الشرعي الذي ينبغي أن يقفه هو، فلا ينبغي أبدا أن تطلبي منه ما يكون سببا في عقوق أمه، واعلمي أن عقوقه لأمه يعود على أسرتكم أنتم بعواقب سيئة؛ فإن الإنسان يعاقب في نفسه وفي أهله وفي أولاده بذنوبه، فكوني عونا لزوجك على البر بأمه وعلى الخير، واحرصي على تماسك أسرتك بقدر استطاعتك، واعلمي أن كل جهد تبذلينه في هذا الطريق فإنه عمل خير، لا يضيعه الله تعالى منك، والصابرون يجزون أجرهم بغير حساب.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير.