كيف أنصح والدي بطريقة صحيحة؟

0 1

السؤال

السلام عليكم.

والداي، عندما يغضبان، يكفران باللسان، لكنهما يصليان ويصومان، بل حتى يصليان الفجر، فهل يجوز لي أن أدعو لهما بالرحمة، كأن أقول: "رب ارحمهما كما ربياني صغيرا"؟ في الوقت نفسه، أخشى أن يكون هذا تكفيرا لهما، فأنا أعلم أن من كفر مسلما فقد كفر، ولا أريد أن أقع في هذا الخطأ.

أخي توفي في الحرب منذ 11 سنة، لكنني أخشى أن أترحم عليه، لأنني أتذكر أنه لم يكن يصلي وكان يكفر بالكلام أحيانا، هل يجوز لي أن أدعو له بالرحمة، أم أنني أرتكب كبيرة إذا دعوت له ولوالدي، لأنهم يكفرون ثم يصلون، وكأن شيئا لم يحدث؟

أعلم أن الدعاء بالرحمة للكافر لا يجوز، لكنني أخشى أيضا أن أكون قد كفرتهم دون حق، لأنني كنت صغيرا عندما توفي أخي، كنت في التاسعة من عمري.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نشكر لك حرصك على معرفة حدود الله تعالى والحذر من التكفير، وهذا أمر حسن جدا، فإن تكفير المسلم بعد ثبوت إسلامه أمر عظيم، لا ينبغي أبدا ولا يجوز التهاون به، والتساهل بالوقوع فيه، فإن التكفير يتطلب تحقق شروط لهذا التكفير، وانتفاء موانع تمنع من هذا التكفير، وهذا لا يحسنه كل أحد، بل مرجعه إلى العلماء.

إن حذرك وخوفك من التكفير في محله، ونحن نؤكد عليه، ونحذرك من الاسترسال والتساهل في تكفير أحد، واعلم -أيها الحبيب- أن العمل قد يكون كفرا، ولكن ليس بالضرورة أن من وقع فيه قد وقع في الكفر، فهناك أعذار، وهناك موانع تمنع إيقاع الحكم على الشخص المعين، فإذا انتفت الموانع وعدمت الأعذار وتحققت الشروط، حينها يحكم عليه بأنه كافر، وهذا لا يحسنه كل أحد، ولا بد فيه من الرجوع إلى أهل العلم، والقضاء الشرعي.

أما السب فلا ندري ماذا تقصد بسب الله تعالى، ولكن سب الله تعالى كفر -والعياذ بالله-، ولكن إذا صدر من الإنسان في وقت غضب شديد يفقد فيه وعيه، ولا يدري ما يقول، فإنه بسبب تلك الحالة يكون معذورا عند الله تعالى، وعلى كل حال: فإذا رجع الإنسان إلى الله تعالى بعد وقوعه بالكفر، وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وصلى كما تقول، فإن هذا مثبت للإسلام له، فكيف بعد ذلك تشك بأنه مسلم؟

ينبغي أن تتجنب هذا النوع من الأوهام والشكوك، وعليك أن تحذر من أن يجرك الشيطان إلى إدخالك في دائرة الوسوسة، وكن حريصا على ما ينفع، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (احرص على ما ينفعك)، والنافع هنا في هذا المقام هو أن تسعى إلى تذكير والديك بعاقبة هذا الفعل، وإنه فعلا خطير، وتنقل لهم كلام العلماء، بهدوء وروية في وقت هدوئهما، حين تدرك أنهما سيتقبلان منك الكلام، وإذا كانا لا يتقبلان منك أنت، فحاول أن تستعين بمن يقبل منه الكلام، أو إسماعهما بعض المقاطع التي تتكلم عن هذا الفعل، من كلام العلماء الذين يثقون في علمهم، وبهذا تكون حققت شيئا نافعا لوالديك.

الدعاء للوالدين مع ثبوت إسلامهما من القربات التي يحبها الله تعالى، وأمرك بها، فقال سبحانه وتعالى: (وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا)، فاحذر من أن يصرفك الشيطان عن نفع نفسك، وعن نفع أهلك ووالديك، بمثل هذه الحجج التي يحاول أن يصرفك بها عما ينبغي أن تفعله.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات