السؤال
منذ أن كنت صغيرة وأنا أتابعكم، أثابكم الله على هذا الموقع المفيد.
أريد أن أسأل: هل الإنسان بطبيعته لديه مشاعر فياضة من ناحية كل شيء، سواء كان شيئا مفرحا أو محزنا؟
فأنا أجد في نفسي دائما أن مشاعري كثيرة أو أقوى من أي شخص، وأشعر بالملل إذا حاولت أن أكون شخصا متزنا، فمثلا: أحيانا لا أستطيع أن أعبر عن مشاعري للناس بهذه الكمية التي بداخلي، فأذهب لمشاهدة المسلسلات والأفلام، وأنا أعرف أنهم يقصدون أن يظهروا أو يبرزوا هذه المشاعر، فأحب أن أشاهدها، أشعر أنني في العالم الذي أحبه، وليس ضروريا أن تكون مسلسلات رومانسية، يمكن تكون أي شيء آخر، وأيضا الرياضة تجعل في داخلي الكثير من المشاعر.
هل الإنسان بطبيعته فياض المشاعر؟ وكيف وأنا أرى من حولي أشخاصا مملين يكتمون مشاعرهم، أو لا يشعرون، أو يتمالكون أنفسهم؟ هل من صفات الإنسان المسلم أن يتمالك مشاعره؟ وكيف يتمالكها؟ وكيف أتحول إلى شخص متزن في شتي أنواع المشاعر؟
حاولت أن أتمالك نفسي كثيرا، لكني أنهزم وأقول لنفسي: لماذا تكتمين مشاعرك؟ وأجد نفسي إنسانة مملة، فجئت لأسألكم عن هذا راجية نصحكم!
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إلهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.
أولا: نقول لك إن الإنسان يستجيب للمثيرات الداخلية والخارجية، بردود أفعال انفعالية على حسب طبيعة المثير، وهذه العملية تكون نتيجة تفاعلات واتصالات معقدة بين أجزاء الدماغ، وبين ما نشعر به في القلب، ولكن عموما: تنسب المشاعر إلى القلب باعتباره مستودع العواطف.
أما درجة هذه الانفعالات فتختلف من شخص لآخر، بحسب العوامل الوراثية، والعوامل الاجتماعية والشخصية، فنجد بعض الأشخاص يستجيبون إلى مشاعر الحزن مثلا بدرجة عميقة، والبعض الآخر يستجيب لمشاعر الفرح والسرور أيضا بدرجة عالية، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية المشاعر، مثل الخوف والقلق والغضب والحب، وما إلى ذلك من أنواع الانفعالات الأخرى.
أما الاتزان العاطفي فيتطلب من الشخص الاستجابة للمثيرات بالدرجة المعقولة، وقد يفقد الشخص التحكم في ذلك، مثل نبضات الغضب الشديدة، كما حث النبي (ﷺ) على التحكم في الغضب؛ فإن ذلك يعني أن الإنسان باستطاعته ذلك، لماذا؟ لأن الغضب يمكن أن يؤدي إلى سلوك لا تحمد عقباه، وقد ينتاب الشخص أيضا نوع من مشاعر الفرح الشديد، الذي يجعله يتخذ قرارات يندم عليها فيما بعد، وكذلك الأمر بالنسبة للقلق الشديد، ربما يعطل نشاطات الشخص، أو إنجازاته أو أداءه بصورة عامة.
والمطلوب هو أن يتدرب الشخص على الإدراك لهذه الانفعالات وعلى فهمها، واستعمالها بالطريقة الصحيحة، وإدارتها بالصورة المعقولة، بحيث لا يتضرر الشخص منها أو يضر الآخرين.
أما في عدا ذلك فيمكن للشخص أن يعبر عن مشاعره ولا يكتمها، متى ما أتيحت له الفرصة أن يعبر عنها، ما دام هناك لا ضرر ولا ضرار.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لما فيه الخير، وأن يسدد خطاك، وأن يصلح الأحوال.