كيف أستطيع التحدث مع الآخرين وفتح مواضيع للنقاش؟

0 25

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من مشاكل في تواصلي مع الآخرين والرد على أسئلتهم، مثل كيف حالك، وما أخبارك، وأشعر بنقص في شخصيتي، وأشعر بالتوتر في المجالس، وأعاني من عدم معرفتي التصرف في المواقف، أو عندما أكون ضيفا أو مضيفا، لا أتحدث كثيرا في المجالس، بل صمتي يغلب علي في كثير كلامي، ومهارة الاستماع عندي ضعيفة، فمرات يتحدث شخص معي ولا أفقه، أو أسمع ولا أفهم إلا قليلا من كلامه، وينعدم عندي الفهم.

أنا متعلم وأدرس الطب، ولكن هناك أمور لا أعرفها، وابن عمي الذي يصغرني بخمس سنوات يعلمها، مثل الزراعة والبناء وأمور كثيرة، وأرجع ذلك إلى أني عشت وتربيت من صغري في الخليج، بينما هو في فلسطين، والتربية تختلف، فهو لا يهاب الآخرين، وجسمه قوي، وتواصله مع الآخرين عال، وسمعه قوي.

ما هي مشكلتي وما تصنيفها؟ وما هو الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نزار .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.

أولا: الحمد لله أنك وصلت هذه المرحلة من التعليم، وأنك وفقت في الالتحاق بهذا التخصص الحيوي الهام، فهذا فضل ونعمة من الله، نشكر الله سبحانه وتعالى عليها كثيرا.

ثانيا: مشكلة عدم التواصل مع الآخرين قد ترجع أسبابها إلى التنشئة الاجتماعية والبيئة التي ترعرعت ونشأت فيها، إذ لم تتح لك الفرص إلى بناء مهارات اجتماعية تمكنك من التواصل والتفاعل بصورة جيدة مع الآخرين، ولأن هذه من المهارات المكتسبة التي تنمو بمزيد من المشاركة والاندماج في المناسبات الاجتماعية.

ثانيا: اكتساب المهارات الحياتية عموما يعتمد على عملية التعلم بطرقها المختلفة، مثل التعلم بالمحاولة والخطأ، والتعلم عن طريق الاستبصار، والتعلم عن طريق النمذجة، أو القدوة، فلا يمكن أن يتعلم الشخص حرفة أو صنعة معينة إلا إذا رغب في ذلك، وتوفرت له سبل ووسائل تعليمية، تمكنه من إجادة الحرفة أو الصنعة هذه.

وربما هذا ما فقدته أنت، وتوفر لأقربائك الذين عاشوا في بيئة لها متطلبات مختلفة عن البيئة التي عشت فيها أنت. وفي المقابل فإنك تعلمت أشياء أو مهارات ولم يتعلمها أقرباؤك، لذلك لا تنظر إلى نفسك بأنك أقل منهم، فلكل إنسان دور يلعبه في هذه الحياة، بحسب ما يسره الله تعالى له، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له).

فأنت اتجهت إلى مجال الطب، وأعددت نفسك لهذه الدراسة في السنوات الماضية، بالاجتهاد والتحصيل الأكاديمي الممتاز، لكي تحقق رغبتك.

ثالثا: الشعور بالتوتر في المجالس وعدم التحدث أمام الآخرين، ربما يصنف ضمن اضطرابات الرهاب الاجتماعي، وله علاجاته الدوائية والسلوكية، فأما من الناحية السلوكية فالأمر يتطلب منك الآتي:

1. عدم الخوف من الخطأ، واعلم أن الذي يخشى من الخطأ لا يتعلم، فالحرص الشديد على الظهور بالمظهر المرغوب، أو بالكلام الحسن؛ قد يحدث التوتر، وبالتالي قد يكف الشخص أو يتجنب الدخول في مناقشات أو في حديث مع الآخرين، ولكن كما تعلم (كل ابن آدم خطاء) وهذه من صفات الإنسان، و(خير الخطائين التوابون).

2. عدم المقارنة بمن هم أفضل منك في المهارات الاجتماعية والحياتية الأخرى، فهذه المقارنة تضعف الثقة بالنفس.

3. عدم تضخيم شخصيات الآخرين وإعطائهم حجما أكبر من حجمهم، بل لا بد من التعاون معهم كأناس أو بشر عاديين، لهم عيوب ولهم أخطاء، حتى تكون نظرتك إليهم نظرة معقولة، وفي حدود إمكانياتهم ومهاراتهم وسمعتهم ودرجاتهم.

4. التدرب على المواجهة أمر ضروري، بحيث تقوم بالذهاب إلى المجالس، والجلوس فيها حتى ولو لفترات قصيرة، وإذا أتيحت لك الفرصة ابدأ بتعريف نفسك، أو علق على حديث الآخرين بكلمات بسيطة، وتعلم إلقاء الأسئلة، وتعمد ذلك على محدثيك. فالعب دور المهاجم في الحديث دائما، ولا تلعب دور المدافع، فإن ذلك يزيد من القلق والتوتر، أي كأنك منتظر الدفاع عندما تهاجم بنظرات أو بكلام أو بسؤال.

5. قم بإدارة حلقات نقاش مصغرة لمن تعرفهم من الأهل والأقارب أو الأصدقاء، وركز على محور الموضوع، ولا تركز على نفسك وما يعتريك من أحاسيس جسدية.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك إلى ما فيه الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات