السؤال
أبلغ من العمر 24 عاما، وقد كنت في الصغر أنا وإخواني من المتفوقين دراسيا، والعائلة كانت فخورة بنا، وكانت الحالة المادية فوق المتوسطة وميسرة بإذن الله، لقد عانينا منذ أكثر من خمس سنوات من الضيق في الرزق والصحة، والسعادة كدنا أن ننساها، ولا نعرف ما السبب في ذلك!
منذ ذلك الحين تراودني بعض الأمور الغريبة مثل: الأحلام التي تتحقق بعد فترة قصيرة من رؤيتها، والصداع المستمر، والدوار، وتشتت الانتباه، وصعوبة في التركيز، والسرحان، وكثرة النسيان، ورؤية خيالات غريبة في اليقظة والمنام، ولا أفلح في شيء أقوم به.
ودائما ما يصادف عدم توفيق غريب، وأواجه صعوبة في النوم في بعض الأيام، وفي البعض الآخر أنام أكثر من اللازم، وأصبح البيت غير مرتب، وقل الاهتمام بالنظافة، وبدأت تظهر الحشرات بكثرة في المنزل، وأصبح عندي رهاب من الناس والاجتماعات والمناسبات، ولا أعرف ما إذا كان ذلك سحرا، أم حسدا، أم ماذا؟
أرجو الإجابة على سؤالي عاجلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذه هي طبيعة الحياة، أن تداول الأيام بين الناس، وأحوال الناس تختلف من وقت لآخر، لكن في جميع الأحوال الإنسان يجب أن يكون شاكرا وحامدا على كل ما يأتيه، ويسأل الله أن يصلح دينه، وأن يصلح دنياه، وأن يصلح آخرته، ويسأله تعالى أن يزيل الضيق والكرب، وأن تتيسر الأمور.
الذي بك هو نوع من القلق النفسي المصحوب بعسر في المزاج، وعسر المزاج هو درجة بسيطة جدا من الاكتئاب النفسي.
أما فيما يتعلق بموضوع السحر والحسد: فطبعا نحن نؤمن بوجودها تماما، لكن هذه الحالة من وجهة نظري حالة طبية، أي الأعراض التي تشتكي منها، ونحن نقول للناس: الإنسان الذي يعتقد أنه مسحور أو أنه محسود يجب أن يحصن نفسه، وأن يرقي نفسه، وعليه أن يجتهد في العبادة وفي التوكل على الله تعالى، نحن نؤمن أن الله خير حافظا، ونؤمن بأن الإنسان مكرم، فقط المسلم يجب أن يكون يقظا، حريصا على صلواته، حريصا على أذكاره، يقرأ ورده القرآني، من وجهة نظري: هذا يكفي تماما، ويحمي الناس تماما.
بالنسبة لحالة القلق التي تنتابك، أنا أعتقد أنه من الضروري جدا أن تنظم وقتك، أولا: يجب أن تثبت وقت النوم الليلي، هذا مهم جدا، وتتجنب السهر، وطبعا يجب ألا تنام في أثناء النهار.
يجب أن تمارس الرياضة، أي نوع من الرياضة؛ كرياضة المشي، كرياضة السباحة، أو لعب الكرة، هذه الرياضات مهمة جدا؛ لأنها تحسن التركيز، وتؤدي إلى الاستقرار النفسي، وتخلص الإنسان من الشحنات النفسية السلبية.
من الضروري جدا أيضا أن تتجنب تناول الميقظات -كالشاي والقهوة- بعد الساعة السادسة مساء، ووجبة العشاء يجب أن تكون أيضا مبكرة جدا وخفيفة وغير دسمة، هذا يجعل نومك نوما صحيا، لا تتخلله أحلام، وهذه من الأسس الرئيسية جدا لأن يصل الإنسان إلى مرحلة معقولة ومقبولة في صحته النفسية.
أخي الكريم: لا تتطير ولا تتشاءم، فهذه ليست من سمات المسلم أبدا، فتوكل على الله، وكن في جانب التفاؤل، ويجب أن تعيش على الأمل والرجاء.
لابد أن تقوم بالواجب الاجتماعي، الانسحاب الاجتماعي يؤدي بالفعل إلى إنقاص الكفاءة النفسية لدى الإنسان، وقد ينتهي به إلى رهاب اجتماعي، فلا تتخلف عن أي واجب اجتماعي، تشارك الناس في أفراحهم، وفي أتراحهم، تزور الجيران، تصل الأرحام، تزور المرضى، تشارك في دعوات الأعراس، ويكون لك أيضا طبعا أصدقاء من الصالحين من الشباب.
هذه هي الأسس الرئيسية للتأهيل النفسي، فأرجو أن تحرص على ذلك.
طبعا العلاج الدوائي أيضا مهم بالنسبة لك، أنت تحتاج لأحد الأدوية المحسنة للمزاج، والتي تعالج القلق والضيق والتوتر. إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمر جيد، وإن لم تستطع فهنالك دواء يعرف باسم (اسيتالوبرام) دواء ممتاز، وسليم جدا، يمكن أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة - أي خمسة مليجرام، من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - تناولها يوميا لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الاسيتالوبرام.
ويوجد دواء آخر يسمى (سولبيريد)، هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (دوجماتيل)، أريدك أيضا أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة (خمسين مليجراما) في الصباح لمدة شهر، ثم تتوقف عنه.
كلا الدوائين من الأدوية الفاعلة والسليمة والممتازة جدا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.