السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أطلب استشارة من د. أحمد الفودعي إن أمكن، قبل عامين وصلتني إجابتك التي أشكرك عليها، فقد كانت سببا في تلاشي الوساوس طول هذه المدة، لكن للأسف عادت الوساوس بشكل أقوى، تجاهلتها ولم أكترث لها، وأريد استشارتك لأرتاح.
عادت الوسواس على شكل أسئلة ذات منحى خطير، وهو التكفير، في البداية يرد الفعل في ذهني، فإن قلت إنه كفر، يخطر في بالي سؤال: ما حكم من لم يقل ذلك؟ إلى أن وصل الأمر إلى تقصي الطوائف الضالة، على سبيل المثال: الذين يدعون الخلق والتدبير للأولياء، أو المشبهة الذين يشبهون الله في ذاته وصفاته، فيوسوس لي قائلا: ما حكم أعيانهم؟ فلا أعرف كيف أرد، وماذا أفعل؟ حاليا لا أجيب على هذه الأسئلة، وأقول: هذا ليس من شأني، فهل أستمر على ذلك؟
وشكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب مجددا، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يذهب عنك كل شر ومكروه، وأن يصرف عنك داء الوسوسة، وينجيك منها.
وقد أصبت حين أعرضت عن الوساوس تلك المدة التي ذكرتها في سؤالك، وقد لمست بنفسك الثمرة والنتيجة، ونحن نؤكد ابتداء -أيها الحبيب- أنه ليس هناك دواء أنفع ولا أنجع في تحصيل المطلوب، من الثبات والاستمرار على هذه الطريقة في مدافعة الوساوس، وهي النصيحة النبوية، فكل حريص على نفسه، وكل من يريد إرضاء ربه وإراحة قلبه؛ ينبغي أن يجتهد في تنفيذ هذه الوصية والعمل بها، فترك الوساوس والإعراض عنها، هو ما عبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ولينته"، أي يترك الاسترسال والتجاوب والتفاعل مع هذه الوساوس، وقد أرشد كذلك إلى الاستعاذة بالله تعالى "فليستعذ بالله" والإكثار من ذكر الله.
وهذا ما نؤكده لك الآن، فإنك إذا أردت إراحة نفسك، والخلاص من هذه الوساوس والوقوع في شراكها، والتخلص مما تفرضه عليك من آلام وأكدار؛ الطريق للخلاص من ذلك كله، هو الاستمرار على ما كنت عليه من قبل، فتعرض تماما عن هذه الوساوس، ولا تبحث لها عن إجابات.
ولا تشتغل بالبحث عن تكفير الناس، فإن التكفير له شروطه، ولا بد مع تحقق هذه الشروط من انتفاء الموانع وانعدام الأعذار، وكل هذا مما يعسر معه الحكم على شخص معين بأنه كافر، إلا لمن تولى البحث الكامل في حالته، وهذا شأن القاضي الذي يبحث عن أعذار الشخص، وعن أقواله وأفعاله التي توجب تكفيره، ثم يبحث عن تحقق الشروط وانتفاء الأعذار، وهذه مهمة صعبة، ليست موكولة إلى أي واحد من آحاد الناس، فضلا عن شخص مريض مصاب بالوساوس.
فالنصيحة لك: الاستمرار على ما كنت عليه من قبل، وأن تعرض عن هذه الوساوس، وأن تتعامل مع كل من قال: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" بتعامل المسلمين، وهذه هي الحالة التي يرضاها الله تعالى، ولا يرضى منك غيرها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.