مخاوف من الزواج أدت إلى عزوفي عنه، فما توجيهكم؟

0 13

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لاحظت مؤخرا بأنني بدأت أشعر بعزوف عن الرغبة في الزواج بسبب الخوف؛ لأنني سمعت عن تجارب فاشلة، لكنني أعرف بأن هذا الأمر غير منطقي، وأتمنى إعطائي طريقة للتعامل مع هذه المخاوف والتخلص منها، وهذه المخاوف هي:

1. أن الزوج لن يساعد على الاعتناء بالأطفال، وترتيب المنزل.
2. أن الزوج لن يسمح لي بممارسة هواياتي؛ لأنه سيعتبرها مضيعة للوقت.
3. أن الزوج لن يسمح لي بالعمل، وسوف يستغل هذا الأمر للتحكم في.
4. أن العلاقة الخاصة سوف تسبب لي الألم، ونزيف الدم.

مع العلم بأنه لا يوجد خطاب إلى الآن، وأنا أرغب في الزواج والاعتناء بالأطفال، لكنني فجأة سمعت عن هذه التجارب، وأصابني الخوف، خاصة بأن لدي مخاوف من الناس بشكل عام، وأشعر بأنه حتى لو كان الشخص يبدو لطيفا فسوف يأتي يوم ما ويؤذيني!

أظن ذلك؛ لأنه قد تم ضربي وأنا طفلة، ففقدت الثقة والشعور بالأمان، مع أن الأمور أفضل الآن، وأهلي تغيروا للأفضل.

أنا أنزعج؛ لأني أشعر بأنني الوحيدة "العالقة" في الماضي، وهذا الأمر يؤثر على حاضري وصداقاتي، وأخشى أن يؤثر على زواجي مستقبلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا: الحمد لله أنك تفكرين في تكوين أسرة صالحة تخدم الإسلام والمسلمين بأبنائها وبناتها، وهذه نية عظيمة مثلها مثل نية وإرادة امرأة عمران، أم مريم أم عيسى -عليهما السلام- إذ قالت: {رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم}، وهذا بالطبع من ثمرات الزواج الموفق الذي يحقق صلاح الدين والدنيا.

ثانيا: نقول لك: ينبغي النظر إلى التجارب الناجحة في الزيجات، وليس النظر إلى التجارب الفاشلة، فالزواج شراكة اجتماعية، إذا بنيت على أسس متينة راسخة، تراعى فيها حقوق الزوج وحقوق الزوجة، والحقوق المشتركة بينهما؛ فلا شك أنه سيكون زواجا ناجحا، يشعر فيه الكل بالسعادة والحياة الطيبة.

وبداية هذا المشروع الهام هو أن يتم اختيار شريك الحياة وفق الشروط التي رغب فيها شرعنا الحنيف، والتي من أهمها: الخلق، والدين، فإذا انطبقت هذه الشروط على الشخص الذي سيتقدم لك -إن شاء الله- فإن كل المخاوف التي ذكرتها ستبدد وتزول، ويحل محلها الأمن والطمأنينة والسعادة -إن شاء الله-.

أما اختلاف وجهات النظر في بعض الأمور الحياتية: فهذا شيء طبيعي يحدث في كل أسرة، ويحل بالطرق السليمة والحوار البناء، وتقبل وجهات نظر الطرف الآخر دون التعصب للرأي، والتشدد والإصرار على فعل ما لا جدوى، أو فائدة منه.

فالعلاقة الزوجية علاقة تكاملية، ليس فيها منتصر أو مهزوم، بل تقوم أو يقوم فيها الطرفان بخدمة بعضهما، ويتغلبان على مصاعب الحياة بروح التعاون والتكاتف، باحترام كل منهما لمطالب الآخر وحاجاته، وغض الطرف عن العيوب والأخطاء التي يمكن تجاوزها وتجاهلها، والتركيز على المحاسن والمميزات، فهكذا تستمر الحياة الزوجية بطريقة سلسة من غير أي مشاكل.

أما خوفك من الناس بسبب ما تعرضت له من ضرب وعنف في الطفولة، فنرجو ألا يعمم ذلك، حتى يخوفك من الزواج، وتنظري إلى الزوج بأنه إنسان شرير يريد أن يؤذيك أو يلحق بك الضرر، فتتضخم عندك فكرة الإيذاء الجسدي في العلاقة الخاصة، وتصبح كأنها عملية جراحية تدور حولها الأساطير من المخاوف، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، وهيأ كل جهاز من أجهزة الجسم لديه التهيئة التامة لأن يؤدي وظائفه كما ينبغي، بطريقة سلسة ومريحة دون إحداث أي ضرر أو ألم.

فالتوتر والقلق والخوف الشديد، هي من العوامل التي تعيق أداء أجهزة الجسم في تأدية وظائفها بالطريقة الطبيعية، التي خصها بها المولى عز وجل.

وختاما نقول لك: ما دامت لديك الرغبة في تكوين أسرة، ورعاية أطفال عن طريق الزواج الشرعي المعروف، فلا تكن هذه المواقف التي ذكرتها عائقا في تحقيق تلك الرغبة، فلكل زوجين تجربة مختلفة عن تجارب الآخرين في الحياة الزوجية.

وأما تجارب الآخرين الفاشلة فيمكن أن يستفاد منها فقط في الوقاية من حدوثها لتجاربنا الشخصية، لكن لا تكون سببا في امتناعنا عن الزواج أو الإعراض عنه؛ لأن هذا يتنافى مع الآيات والنواميس الكونية، وكما قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم: 21]، وقال: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات} [النحل: 72]، وكما قيل: "النساء ‌للرجال ‌خلقن، ولهن خلق الرجال".

والزواج -ابنتنا الفاضلة- من الأمور التي ينبغي أن يستخير فيه المرء المولى عز وجل قبل الإقدام عليه، فإنك -إن شاء الله- بعد الاستخارة لن تندمي، وما يقدره الله لك هو خير ولا شك.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات