السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
تقدم لخطبتي زميل لي في الجامعة، والشاب أعجبني، فهو محترم، ومن عائلة محترمة، لكني اكتشفت مؤخرا أنه كان يحب صديقتي في السنة الأولى من الجامعة، وقد صارحها بذلك عدة مرات، وأصر على محادثتها، لكنها رفضته تماما.
أعلم أن محادثة الفتيات خارج نطاق الشرع أمر حرام، لكنني أرى أن هذه التصرفات كانت طيشا منه، ويبدو أنه تاب منها، ولم ألاحظ عليه مؤخرا أي تصرفات مشابهة، بل على العكس، هو الآن شخص أكثر نضجا واتزانا.
صديقتي أخبرتني بنفسها بالقصة، وبدت عليها علامات الندم، وهذا الأمر يثقل قلبي ويشتتني، لا أريد أن أبدو كفتاة خائنة تخطف الرجال من غيرها، فأنا أحب صديقتي كثيرا، ولا أريد خسارتها، وأريد أن أتأكد إن كان ما زال يحبها أم لا، لأن حديثها أظهر أنه كان يحبها كثيرا، ولكنها هي من رفضته وصدته.
فكرت في أن أطلب منه أن يعتذر لها عن تصرفاته في الماضي، كي يهدأ قلبي، وفكرت في أن أصارحها بمشاعري تجاهه، لكنني أخشى أن تعترف بندمها، وتقول لي: لو تقدم لي الآن، سأوافق عليه.
لا أعرف كيف سيكون ردي إذا قالت ذلك، ولا أدري ما القرار الصحيح!
أرجوكم أرشدوني، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سديم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، وهنيئا لك بهذا الشاب المحترم المتدين، ونسأل الله أن يجمع بينكما في الخير وعلى الخير.
أرجو أن يعلم أبنائي وبناتي أن الصفحات الماضية بالنسبة لأي شاب وفتاة، ليس من حقنا أن ننبش فيها، أو نقف عندها طويلا، فمعروف أن الشاب يمكن أن يطلب فتاة وثانية ويفوز بثالثة، والفتاة يمكن أن يطرق بابها شاب وآخر وثالث، ويفوز الرابع بها، هذه أمور يقدرها الله تبارك وتعالى، وتلك صفحات ينبغي أن تطوى، وعلينا جميعا أن ندرك أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله تبارك وتعالى.
من المهم أن تدركي أن العلاقة التي أنهتها الصديقة أو رفضتها، أو توقفت، هذه العلاقة لا مكان لها هنا، وليس من المصلحة البحث والتفتيش والكلام حول هذه العلاقات، خاصة بعد أن تأكدت أنه لا يمارس هذا الأمر بعد خطبتك، ولا يتواصل مع الفتيات، فليس من الصواب محاكمة الإنسان على أمور حصلت منه، وأمر الخطبة من الأمور الصواب، فطبيعي أن أي فتاة يأتيها من يطرق بابها ويبحث عنها، وطبيعي أن يذهب الشاب كذلك ليطلب الفتاة، والفتاة أيضا تتعرض لمن يطرق بابها، والأمر إلى هاهنا لا إشكال فيه.
أما التوسع في المحادثات معك، أو مع أي مخطوبة؛ هذا هو الذي نحتاج أن نقف عنده، فالخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا التوسع معها، ولا الخضوع بالقول منها أو منه، وهذا ما ننصح به، حتى إذا كان هناك وفاق تام، فـ (لم ير للمتحابين مثل النكاح)، فالخطبة بعد أن يحصل التعارف، وتحصل الطمأنينة والرضا والانشراح؛ ينبغي أن ننتقل للخطوة التي بعدها، أو نتقيد بأحكام الخطبة، التي ينبغي أن تكون المقابلات ليس فيها خلوة، والكلام ليس فيه توسع وخضوع بالقول، أو كلام عاطفي، وإنما كلام يسأل فيه عن الدراسة، والصلاة، والتخطيط للحياة، الأمور الأساسية الجادة، وحتى هذه لا نفضل الإكثار منها.
نسأل الله أن يعينك على الخير، ولا ننصح بفتح الموضوع معه ومطالبته بالاعتذار، أو مصارحة الفتاة والتواصل معها، فلتبق روح الصداقة، ولكن كل إنسان في هذه الدنيا سيأتيه ما قدر الله تبارك وتعالى له، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، ولصديقتك الخير، وأن يلهمكم جميعا الخير والسداد، والتقيد بأحكام هذا الشرع الحنيف.
والله الموفق.