أهلي لا يثقون بي ويخافون عليّ كثيرًا، فماذا أفعل؟

0 19

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا منذ ولدت أحرص على طاعة والدي، لكن أهلي لا يعتبرونني كبيرا، فيعاملونني معاملة الصغير؛ رغم أنني عاقل، بالغ، معافى بدنيا، وفطن، ومتفوق، وملتزم بديني، إلا أني أجدهم يتدخلون في كل شيء في حياتي، وفي كل صغيرة أو كبيرة يلزمونني برأيهم؛ رغم أنها تكون مسائل شخصية، حتى أصدقائي يحبون أن يقابلوهم بأنفسهم ويجالسوهم.

وعندهم تساؤلات خائفة دائما: إلى أين أنت ذاهب؟ لا، لا تذهب! لماذا تحتاج المال؟ وجرحوني كثيرا!

مثال: أريد أن أذهب إلى البحر، أمي تقول: لا تذهب، أريد أن أخرج مع أصدقائي، قليلا ما يوافقون، لا يجعلونني أعتمد على نفسي! وحجتهم: نحن كبار، ونحن مسؤولون عنك!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك بالموقع.

نهنئك أولا -ولدنا الكريم- بما من الله تعالى به عليك من التوفيق في الالتزام بالدين، والحرص على بر الوالدين، والطاعة لهما، وهذا كله توفيق من الله تعالى، ونسأل الله تعالى لك مزيدا من التوفيق والسداد.

نحن ندرك -أيها الحبيب- مشاعرك التي تشتكي منها بسبب رقابة أهلك عليك، وحرصهم على أن يكون لهم نصيب في قراراتك وتصرفاتك، ولكن إذا علمت -أيها الحبيب- البواعث وراء كل هذا، وأدركت أن كل هذا الحرص منهم باعثه الحب لك، والحرص على تجنيبك مواطن الخطر، مع ما يصاحب هذا الحرص وهذا الحب من خبرة بالحياة وأهلها أكبر من خبرتك، فكل هذه الأمور عندما تجتمع في الوالدين تنشأ عنها هذه التصرفات.

نحن ندرك أن المبالغة من الوالدين في الحرص والحفظ للولد، قد يؤدي إلى بعض النتائج السلبية؛ كإفقاد الولد القدرة على اتخاذ القرار أو نحو ذلك، ولكن ينبغي أن ندرك في الوقت ذاته، أن هذا النوع من تصرفات الآباء والأمهات يفيد في كثير من الأحيان، ويحفظ الولد من الانزلاق؛ بسبب قلة خبرته في بعض الأمور أحيانا، فإذا استذكرت هذه الأمور واستحضرتها، هان عليك أن تتلقى تصرفات والديك بالقبول، وأن تصبر عليهم.

نصيحتنا لك -أيها الحبيب- أن تثبت لوالديك كفاءتك، وحسن تدبيرك، وصحة قراراتك، وهذا من خلال الممارسة العملية، ومن خلال إعطائهم كل المؤشرات التي تطمئنهم على سلامة تصرفاتك، فلا ينبغي أن تكتم عنهم شيئا، شاركهم في المشاورة واتخاذ القرارات، وأطلعهم على علاقاتك، وحاول أن تعرفهم بمن تتعرف إليهم من الرفقاء والأصدقاء، فحينها سيدرك الوالدان أن قراراتك سليمة، وأنك قدير على أن تدير أمورك بحرص تام على المنافع، وتجنب لما يضر، وسيبدأ تراجع دور الوالدين تدريجيا، وسيتقلص حضور قراراتهما بجانب قراراتك، بسبب ثقتهما بقراراتك أنت.

إذا تفهمت هذه الأمور على هذا الوجه، فإنه سيهون عليك -بعون الله تعالى- التعامل مع الوالدين.

نحب أن نؤكد -أيها الحبيب- أن متابعة الوالدين لك، وتعاهدهما لك، والحرص على معرفة ما غاب عنهم من تصرفاتك؛ كل هذا لا يعني عدم الثقة فيك، ولكن ممارسة لدور المتابعة التي ينبغي أن يقوم بها الوالدان، وأن يشاركا الولد في تجنيبه ما يضره، فلا ينبغي أن تنزعج كثيرا من هذا، ولكن إذا سلكت الطريق الذي وصفناه لك، من إعطاء والديك المؤشرات التي تطمئنهم على سلامة قراراتك وصحة تصرفاتك؛ فإنك بذلك ستصل إلى ما ترجوه وتتمناه من تخفيف دور الوالدين في قراراتك، وتقليل الرقابة عليك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات