الغضب يؤثر على مذاكرتي وتحكمي بنفسي، فماذا أفعل؟

0 21

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر بأني حمل على أهلي، وأكثر من مرة أخبرتني أمي بذلك، ولكن بطريقة غير مباشرة، كنت أتمنى أن أموت ليريحهم الله مني، ولكن أعلم أن هذا حرام، أصبحت أعاني من مشكلة السيطرة على غضبي، عندما أغضب أقوم بإيذاء نفسي، أعلم أن هذا خطأ، حاولت كثيرا ولا أعرف، أخاف أن يغضب الله علي، وأعرف أن المفروض أن أحاول أكثر، لكني لست قادرة، وأيضا في مذاكرتي لا أعرف كيف أذاكر! وهذا يجعلني أكره نفسي أكثر وأكثر!

أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يملأ بيتكم بالود والمشاعر النبيلة، وأن يصلح لنا ولكم الأحوال.

هذا الشعور الذي تشعرين به بأنك حمل على أهلك، وأنك مصدر إزعاج لهم، غير صحيح! وما ورد من الوالدة لتأكيد هذا المعنى السلبي أيضا هي كلمات ربما جاءت في لحظة غضب، وهي لا تعبر عن الحقيقة، فلا توجد أم إلا وهي تحب أبناءها وبناتها، ولا يوجد أب إلا وهو يحب أبناءه وبناته، ومهما يحصل، ومهما يظهر، فإن الله العظيم ملأ قلوب الآباء والأمهات بمحبة أبنائهم وبناتهم والشفقة عليهم، ونسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه المرحلة.

وأرجو ألا تأخذ هذه الكلمات أكبر من حجمها، وعليك أن تنتبهي إلى أن الإساءة التي يجدها الابن أو البنت من والده أو والدته، ما ينبغي أن تقابل بالإساءة، وعلينا أن ندرك في كل لحظة أن بر الوالدين عبادة، وإذا كان عبادة فإن الإنسان يؤجر على إحسانه، ويحاسب على تقصيره.

وما يحصل من الوالد والوالدة ليس كما يحصل من الزملاء أو الزميلات؛ فالإنسان لا بد أن يدرك أنه يتعامل مع والديه، وقدوتنا في هذا هم الأنبياء، وأوضح بيان ما جاء عن إبراهيم -عليه السلام- مع والده: {يا أبت لم تعبد... يا أبت إني قد جاءني ... يا أبت لا تعبد الشيطان ... يا أبت إني أخاف أن يمسك ...}، بل لما اشتد عليه قال: {لأن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا} أيضا استمر في لطفه فقال: {سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا}.

ويوسف مع أبيه يعقوب -عليهما السلام- في الخطاب: {يا أبت إني رأيت... }، {يا أبت هذا تأويل...}، والتي خاطبت أباها فقالت: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} فاستجاب لخطابها فزوجها موسى -عليه السلام-: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين}. وخطاب إسماعيل لأبيه إبراهيم: {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}.

ثانيا: أرجو أن يدفعك مثل هذا الموقف إلى مزيد من الاجتهاد، ومزيد من الحرص، ومزيد من المحاولات من أجل نيل بر ورضا الوالدين، ومزيد من الاجتهاد في المذاكرة من أجل أن تحددي مسارك في الحياة، وغدا ستكونين أسرة، وتصبحين أما، وستشعرين بالمشاعر النبيلة التي تشعر بها الأمهات تجاه أبنائهن وبناتهن.

فلذلك أرجو ألا يأخذ هذا الموضوع أكبر من حجمه، ونحن نكلمك بمشاعر آباء، لنا أبناء وبنات، ونعرف مكانة الأبناء والبنات في نفوس آبائهم وأمهاتهم، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على تجاوز هذه المرحلة، فلا تحاصري نفسك، ولا تجلدي ذاتك، وأنت لست حملا على أهلك، فهم الذين جاءوا بك -بعد تقدير الله- إلى هذه الحياة، وهم سيسعدون بك، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على بر والديك.

أما بالنسبة للغضب: فالوصفة النبوية في أن تتعوذي بالله من الشيطان، وتذكري الرحمن، وتمسكي اللسان، وتغيري وتهجري المكان، وتهدئي الأركان، وإذا كنت غاضبة وأنت واقفة فاجلسي، وإذا كنت جالسة اتكئي، وإذا كان الغضب شديدا توضئي، وإذا كان الغضب شديدا فصلي واسجدي لله تبارك وتعالى، هذا سيساعدك بتجاوز مشكلة الغضب.

أما إيذاء النفس فلا يجوز، كذلك تمني الموت أيضا لا يجوز؛ فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: لا ‌يتمنين ‌أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.

ومسألة المذاكرة ننصحك فيها بأن تبحثي عن صديقات صالحات حريصات، وتنظمي وقتك، وليست العبرة بكثرة المذاكرة، ولكن العبرة بالتركيز فيها.

فنسأل الله أن يكتب لك النجاح والسعادة والفلاح، ونحب أن نؤكد لك أن الطاعة لله تبارك وتعالى، والمواظبة على الصلوات، وتنظيم جدول المذاكرة مما يعين الإنسان على النجاح.

نسأل الله لك التوفيق، وبارك الله فيك.

مواد ذات صلة

الاستشارات