السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حضرة الأخ الدكتور/ محمد عبد العليم!
أنا شاب عمري 34 سنة ولدي مشاكل متعددة سأرتبها حسب الأهمية بالنسبة لي.
أولا: عندي خوف من الزواج، وهو ليس خوفا من ذات الزواج أو تبعاته؛ فليس لدي أي إشكال من هذه الناحية، لكنه خوف قهري لا إرادي ينتابني فجأة ويستولي على تفكيري عند موافقة أهل العروس، وخصوصا في فترة الليل وقبل النوم، فأتمنى بشدة في قرارة نفسي أن أنسحب وألغي كل شيء حتى أرتاح وأهدأ! وهذا ما حصل لي في إحدى المرات، حيث اضطررت للانسحاب واختلقت عذرا؛ مما أوقعني في حرج شديد - لا يخفى عليكم - أمام أهلي وأمام الطرف الآخر، مع وجود حالة من التردد الشديد عند اتخاذ أي قرار!
ثانيا: وساوس قهرية فكرية.
ثالثا: قلق من السفر مع خوف من الإقامة وحدي بعيدا عن أهلي، مع وجود درجة متوسطة من الخوف الاجتماعي.
عموما راجعت طبيبا؛ صرف لي دواء سبراليكس 10 ملي، وبعد فترة زاده إلى 20 ملي، وأضاف بعد ذلك اللسترال 50 ملي يوميا، فاستمررت على هذين الدواءين قرابة ثلاثة شهور، لكن النتيجة لم تكن مرضية؛ حيث لا زالت حالة الخوف بالذات موجودة؛ فأوقفت العلاج وراجعت طبيبا آخر؛ فوصف لي دواء سيروكسات 20 ملي يوميا، فاستمررت عليه فترة سبعة أسابيع ولم يتغير شيء، مع اعتقادي أن الجرعة ربما كانت بحاجة إلى زيادة، لكن لم أتمكن من مراجعة الطبيب مرة أخرى؛ حيث يستلزم ذلك أن أسافر إليه.
أعاني كذلك من وجود حالة من الخمول الشديد والنوم المفرط، إضافة إلى خوفي من زيادة الوزن، حيث إنني أشكو من زيادة كبيرة.
ولقد راجعت طبيبا ثالثا؛ فوصف لي الانافرانيل 100 ملي وترفع بالتدريج، وبعد شهر لاحظت تقدما ملموسا في حالة الخوف والقلق؛ فاستمررت على العلاج بنفس الجرعة، وترافق استخدامي لهذا العلاج وجود تشنج شديد في عضلات الفخذ، مع صعوبة في الوقوف أو المشي الطويل؛ فأوقفت العلاج من باب الاحتياط لكن التشنج استمر عدة أشهر، وتطور بعد ذلك إلى ألم عصبي في الفخذ والساق مع شد وتقلص شديد أثناء النوم؛ فذهبت إلى طبيب عظام فقال: هناك احتمال أن المشكلة أساسا في الظهر؛ فوصف لي دواء Neurontin الخاص بالصرع وألم الأعصاب بواقع 900 ملي يوميا، لكنه يحتاج إلى مدة طويلة من الاستخدام المتواصل حتى يظهر مفعوله، ومشكلتي النفسية الأساسية لا زالت موجودة وأرغب بعلاجها، لكني أخشي أن أتناول علاجا يتعارض مع النيورينتين! لذلك آمل منك إفادتي وفق خبرتك بالاستفسارات التالية:
- هل يسبب الانافرانيل تلك الحالة المذكورة؟ أم أنها ترافقت عرضا مع استخدامي له؟ وبماذا تنصحني؟ هل أبدأ بالعلاج النفسي؟ أم بعلاج التشنج حسب الأهمية والأولوية أم بهما معا؟
أرجو في حال وصف علاج ألا يكون من أعراضه أي تقلص أو شد للعضلات والأعصاب، والأفضل ألا يسبب زيادة كبيرة في الوزن، ويكون فعالا في المخاوف والتردد بالذات.
وختاما تقبلوا وافر شكري وامتناني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أن التردد هو من السمات الأساسية للوساوس القهرية، والوساوس القهرية تعالج دائما بتحقيرها وعدم اتباعها وأن يحاول الإنسان أن يكون في داخل نفسه فكرة مضادة للوساوس، كما أن الإنسان يمكن أن يقرن الفكرة الوسواسية باستشعار مخالف لها كإدخال الألم على نفسه، ولذا ننصح بعض الإخوة حين تأتيهم الفكرة الوسواسية عليه أن يقوم مثلا بالضرب على يديه بشدة شديدة حتى يحس بألم كبير وشديد، فالإحساس بالألم الشديد مع الفكرة الوسواسية سوف يضعفها إن شاء الله تعالى.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فالحمد لله الأدوية المضادة للوساوس كثيرة وفعالة، ولكن لكل دواء يناسبه وذلك اعتمادا على البناء الجيني للإنسان، وحتى أكون دقيقا في الإجابة على سؤالك أولا:
الأنافرنيل من الأدوية الفعالة جدا لعلاج الوساوس وهو من أوائل الأدوية التي استعملت لهذا الغرض، ولكن يعاب عليه أن الجرعة المضادة للوساوس يجب أن تكون 100 مليجرام أو حتى 150 مليجراما حسب الأبحاث التي وردت من الدول الإسكندنافية، والأنافرنيل يعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى نشاط صرعي، وذلك بتغير كهرباء المخ بالنسبة للأشخاص الذين لديهم بعض الاستعداد لذلك، هذا واحد من الآثار الجانبية المعروفة، ولكن هذه الحالات التي تحدث لك من شد في العضلات والأعصاب، لا أرى أنها نوبة صرعية وربما لا علاقة لها بالأنافرنيل، ولكن الطبيب اتخذ المحاذير المفروضة وهي أن تتوقف عن تناول الأنافرانيل.
أما بالنسبة للنيورنتين والذي أعطاه لك الطبيب فهو بالطبع دواء مضاد للصرع، ولكنه أيضا من الأدوية الجيدة جدا لتحسين المزاج ولضبط المزاج عند الإنسان، كما أنه يساعد كثيرا في علاج الآلام العصبية والآلام العضلية، ولذا أصبح يعطى لكثير من مرضى السكر والذين يصابون بالخدر والتنميل والآلام الطرفية في اليدين والأرجل.
إذن: أعطاه لك الطبيب فيما أرى لإزالة الألم الذي يوجد في العضلات والأعصاب وهو علاج علاج جيد ويمكنك أن الاستمرار عليه، وأرى أنك حين تبدأ في تخفيف الجرعة لابد أن يكون ذلك بالتدرج، والجرعة العلاجية هي 300 إلى 900 مليجرام في اليوم، وأنت الآن تتناول الجرعة الكافية جدا.
الدواء الذي أود أن أقترحه لك ولا يسبب آثارا جانبية وهو علاج جيد للوساوس هو فافرين، الفافرين هو دواء هولندي وهو ممتاز وفعال وسليم جدا، وكل الأبحاث التي أتت من الولايات المتحدة الأمريكية تدل أنه هو أفضل الأدوية لعلاج الوساوس.
أخي! أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة 50 مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى 100 مليجرام واستمر عليها، وأرى أن هذه الجرعة ستكون كافية في حالتك، 100 مليجرام ليلا استمر عليها لمدة ستة أشهر، ولكن بعد شهرين من بداية العلاج إذا لم تحس بتحسن حقيقي للوساوس والتردد، عليك أن ترفع الجرعة إلى 200 مليجرام، علما بأن هذه الجرعة ليست كبيرة حيث أن الفافرين يمكن أن يتناوله الإنسان حتى 300 مليجرام في اليوم، ولكن لا أرى أنك محتاج لذلك.
إذن: إذا لم يحدث تحسن بعد شهرين ارفع الجرعة على 200 مليجرام واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكنك أن تبدأ في تخفيض العلاج بمعدل 50 مليجرام كل شهر حتى تتوقف عنه.
الفافرين من فضل الله تعالى لا يسبب زيادة في الوزن، كما أنه لا يسبب أي عجز أو ضعف جنسي كما يحدث مع الأدوية الأخرى، فقط ربما يسبب نوعا من سوء الهضم البسيط في الأيام الأولى للعلاج، لذا أنصح بأن تتناوله بعد تناول الطعام لأن ذلك سوف يقلل من فرص حدوث أي آثار سلبية بالنسبة للهضم.
وختاما: أسأل الله لك الشفاء والعافية، وأرجو أن تقدم على الزواج دون أي تردد يا أخي وبارك الله فيك.
وبالله التوفيق.