حاولت مصالحة من خاصمني إلا أنه لم يقبل، فماذا أفعل؟

0 18

السؤال

منذ أقل من شهر حدثت مشادة كلامية بيني وبين أحد أقربائي، لقد كان الطرفان مخطئين، ولكن نصحني أحدهم أن أعتذر؛ لأنني الأصغر سنا، كنت سأفعل على أي حال خوفا من إثم المخاصمة، حاولت التحدث معه، وفي المرة الأولى أبى الحديث معي، ثم أرسلت له رسالة نصية ولكنه قام بحظري، فهل لن تقبل أعمالي بسبب تلك المخاصمة؟

مع العلم أنني لم أعتذر إلا لخوفي من إثم الخصام، وليس لرغبتي الحقيقية في مصالحة هذا الشخص؛ حيث إنني منزعج منه حتى الآن؛ لأنه أخبرني أنه لولا إثم قطيعة الرحم لكان سيقطع علاقته بي، وقال الكثير من الكلام الجارح بسبب جملة واحدة لم تعجبه مني، مع اعترافي أنها كانت جملة خاطئة.

أنا الآن خائف من أن لا تقبل أعمالي في العشر من ذي الحجة بسبب هذه المشكلة؛ فهل حقا علي إثم، ولن ترفع أعمالي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد أحسنت صنعا حين قررت الاعتذار عن إساءتك، وطلب العفو ممن أسأت إليه، وهذا توفيق من الله تعالى لك؛ فإن الإساءة إلى من لا يستحق الإساءة ذنب يجب على الإنسان أن يتوب منه، وقد قال الرسول الكريم (ﷺ): المسلم من سلم المسلمون ‌من ‌لسانه ‌ويده.

ومن وقع في مظلمة أحد بلسانه فإن عليه أن يتوب إلى الله تعالى أولا: من ذنبه.

وعليه ثانيا: أن يستحل ممن اعتدى عليه؛ بأن يطلب منه العفو والمسامحة، وإن لم يفعل ذلك فإن صاحبه هذا سيأخذ من حسناته يوم القيامة، كما أخبر بذلك الرسول (ﷺ) حين قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة ‌بصلاة ‌وصيام ‌وزكاة، ‌ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار.

هذا الحديث فيه بيان أن المقاصة وأخذ المظالم لا بد منها يوم القيامة، ومن ذلك المظالم الكلامية التي تكون باللسان، لكن (من تاب تاب الله عليه)، وما دمت قد طلبت العفو والمسامحة ممن أسأت إليه فقد أديت ما عليك، وإذا امتنع هو من القبول فإنه هو المسيء بعد ذلك، فينبغي أن يقبل توبة من اعتذر إليه، وأن يقطع هذا التدابر والتقاطع الذي حصل بينكما، فلا يجوز له أن يستمر على الهجر بعد أن بدأت أنت بالاعتذار، فـلا يحل ‌لمسلم ‌أن ‌يهجر أخاه فوق ثلاث كما قال الرسول الكريم (ﷺ)، بحيث يلتقيان ‌فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.

فما دمت قد اعتذرت وطلبت العفو فقد خرجت -إن شاء الله- من الإثم، وكان ينبغي له أن يقبل هذا الاعتذار، وأن يتحلى بمكارم الأخلاق، فقد قال الشاعر وهو يصور هذا الاعتذار بصورة أدبية حسنة، يقول ابن المعتز:
قيل لي قد أساء عليك فلان *** ومقام الفتى على الذل عار
قلت قد جاءنا وأحدث عذرا *** دية الذنب عندنا الاعتذار

فهكذا ينبغي أن يكون الإنسان على قدر من مكارم الأخلاق.

نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات