وجه الشبه بين العلمانية والليبرالية

0 644

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي سؤالان: الأول إجابته طويلة بعض الشيء، والثاني سهل إن شاء الله.

السؤال الأول متعلق بالليبرالية:

اختلف شباب جيل اليوم في تفسير الليبرالية، فمنهم من اتخذها منهجا له لإعجابه بالكلمة حين ترددت على مسامعه، واتخذها البعض على أنها شيء (Cool) على قولهم، ومن (الفلة) والحركات الشبابية، ومنهم من اتخذها بالتعصب الأعمى.

هناك فتاة على الإنترنت تقول: (أنا تفكيري ليبرالي إلى أبعد الحدود) وفخورة -ما شاء الله عليها- وتعريفي لليبرالية هو التحرر الفكري.

أتمنى أن توافيني بتعريف الليبرالية؟ وأين نشأت؟ ومن مؤسسها؟ وما أمثلتها؟

وما الأدلة التي أستخدمها في إقناع أصدقائي للتراجع عنها؟ وما الإستراتيجية التي أستخدمها في التعامل مع كل ليبرالي؟ هل أعاملهم بلطف، أم بماذا؟

وما هو وجه الشبه بينها وبين العلمانية؟ وهل كل ليبرالي علماني ككل علماني ليبرالي؟
وما هي الليبرالية الإسلامية؟ وهل لها وجود من الأساس؟

السؤال الثاني عن الرائلية:

ما هو تعريف الرائلية؟ ومن هو مؤسسها؟ وما حكمها؟

أتمنى أنكم تعطوني الزبدة والمفيد والمختصر، شاكرا لكم، ومتمنيا لكم الفردوس الأعلى، والله يوفقكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنحن نتمنى أن يفتخر شبابانا بمصطلحاته ويعتز بدينه وإسلامه، فإن المنهزم هو الذي يقلد الأعداء ويتشبه بهم في لباسه وطريقة حياته، ويلوي لسانه برطانتهم، وديننا يرفض هذا الهوان، ويدعو الشباب إلى التمسك بالقرآن، وبالحرص على هويته الإسلامية ونشرها بين الأنام، فنحن أمة قائدة لا مقودة، وينبغي للدنيا أن تسير في ركابنا، وتقتبس من قيمنا وديننا، والمسلم يتميز بمصطلحاته وقيمه.

وأرجو أن يعرف الشباب أن لغتنا العربية هي أوسع اللغات وأكثرها مرونة وأشرفها، ولا عجب، فقد اختارها الله وعاء لكتابه وسنة نبيه، وعندما قال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم راعنا يعني انتظرنا فلا تستعجل بتلاوة القرآن حتى نحفظه، وكانت هذه الكلمة تصادف معنى قبيحا عند اليهود، نزل القرآن بنهيهم عن المصطلح، فقال سبحانه: ((يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم))[البقرة:104].

ونحن لا نريد لك أن تجاري أمثال هؤلاء الشباب، واجتهد في تحريضهم على طاعة الرحمن وتلاوة القرآن، كما نتمنى أن تحصر صداقتك في الذكران وتجنب مصادقة النسوان، فإن هذا طريق للشيطان الذي يستدرج ضحاياه من بني الإنسان.

وأرجو أن تعلموا أن كثيرا ممن ينادون بحرية الفكر هم في الحقيقة دعاة إلى حرية الكفر، فليس لمعظمهم فكر، ولكنهم يرددون في غباء ما يقوله أهل الكفر، فاحذرهم وفر منهم فرارك من النمر، ويؤسف الإنسان أن يقول إن هؤلاء لا يستخدمون حريتهم المزعومة إلا في حرب الإسلام وأهله، ولا يستطيع واحد منهم أن يقول كلمة عن دين اليهود أو دين النصارى، مع ما فيها من تناقضات وضلالات، بل لا يستطيع أحدهم أن يتكلم عن محرقة اليهود أو غيرها من القضايا التي ليس لها أدلة ولا شهود؛ لأنه إن فعل ذلك سوف يفقد ألقابه وشهرته، هذا إذا بقي حيا في هذا الوجود، فهم يكيلون بمكيالين، ويكذبون في كل لحظة وقضية مرتين، وليتهم عرفوا أن حرية الإنسان تنتهي عندما تبدأ حريات الآخرين، فلابد أن تكون الحرية مضبوطة، حتى لا تكون أذى للناس، كما أن تحررهم المزعوم تحول إلى تحلل من كل فضيلة وخير.

أما العلمانية فإنها تعني اللادينية، أو إبعاد الدين عن الحياة وحصره في الاستخدام الشخصي، وهذا مذهب باطل مصادم لشريعة الإسلام التي تشمل الدين والدنيا والآخرة، وقد نشأ في بلاد الغرب ثم نقله رجال من بني جلدتنا ممن يتكلمون بألسنتنا ولكنهم يمرقون من الدين بولائهم للأعداء وبنقلهم لحياتهم وأخلاقهم، حتى وجد من قال بأخذ النجاسات في بطونهم، وقد أثبت هذا المذهب أيضا عجزه وضيقه، حتى بقطعة قماش تضعها فتاة على رأسها طاعة لربها، وحرموا الطالبات المسلمات من حقوق شخصية، طالما زعموا أنهم حماتها وحراسها، وقد شبه بعضهم العلمانية بالبغال عن مكانة الحمار كثيرا، ولم يصلوا إلى رتبة الحصان، ويؤسفنا أن نقول إن عددا من حملة الأقلام ينتمون لهذا المذهب، ومنهم من يزعم أن الإسلام هو المسؤول عن تأخرنا، و((كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ))[الكهف:5]^.

وقد أرسلت البلاد الإسلامية أعدادا من الطلاب إلى بلاد الغرب، وبعد عودتهم أصبحوا عالة على دولهم بحملهم لهذه الأفكار، فلم يخرجوا من الدين وحدهم ولكنهم يصرون على إخراج غيرهم، وليتهم جاؤوا بالعلم المفيد، ولكنهم جاؤوا بأظفار طويلة وأجساد ناعمة وكلمات محفوظة ممجوجة، ولم يتعلموا إلا السفه وسبل الخروج على القيم والدين، وبارك الله في بعض الشباب الذين حافظوا على دينهم، فكانوا دعاة إلى الله، ورجعوا أكثر علما وثباتا على الدين وحفاظا على القيم والتراث.

أما بالنسبة لكلمة الرائيلية فلا علم لي بها، ولا أظنك تحتاج إليها، ونحن نتمنى أن نكتفي بما عندنا من الخير، ولا بأس من قبول الخير والحكمة مهما كان مصدرهما، ولكننا ما ينبغي أن نستورد التصورات، لأنها لا تصلح لأرضنا، بل ينبغي أن نتحف الدنيا بما عندنا من الكمالات، وأرجو أن يشغلنا الله بالمفيد، وأن يثبتنا على الحق حتى الممات.

والله الموفق.


مواد ذات صلة

الاستشارات