لدي مشكلة الهلع ورهاب الميادين، فما علاجها؟

0 20

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، بعمر 26 عاما، أعاني منذ أكثر من عشر سنوات مما يسمى برهاب الميادين، خصوصا الأماكن المفتوحة، مثل: السير بجانب الطرق السريعة، أو تعدية الطريق إلى الجانب الآخر، أو عندما أتمشى بجانب البحر، أو الكباري فوق البحر، أو حتى الجلوس على الأرض والنظر إلى السماء، وأشعر حينها بنوبة هلع شديدة، مثل: ارتفاع ضربات القلب، والشعور بالسقوط، والإغماء، حتى عند الحلم بها أثناء النوم أشعر بنفس الأعراض، وأستيقظ من النوم بسببها.

حاولت أن أعالج نفسي في ما يسمى العلاج بالتعرض لكني أتعب كثيرا حينها، وكأني سأموت!

فما الحل والعلاج؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فلان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعم -أيها الفاضل الكريم- ما يعرف برهاب الميادين، وربما يكون المسمى الأدق هو رهاب الساحة أو الساح (Agoraphobia)؛ أي الأماكن المفتوحة -كما تفضلت-، وهذا مقارن برهاب الأماكن المغلقة أو الضيقة، وهي أيضا علة معروفة، ورهاب الميادين -أو رهاب الساح- كثيرا ما يكون مرتبطا بنوبات الهرع والهلع.

وصفك دقيق، ووصفك يتماشى تماما مع المعايير العلمية التي تصف هذه الحالة، وطبعا هي نوع من المخاوف، وليس أكثر من ذلك؛ يعني رهاب الساح، أو رهاب الميادين لا يختلف عن بقية المخاوف بأي حال من الأحوال، وهو لا يمثل أبدا ضعفا في شخصيتك، أو اضطرابا فيها، أو ضعفا في إيمانك أبدا، هو نوع من الخوف المكتسب، ربما تكون قد تعرضت لتجربة ما، تجربة معينة في أيام اليفاعة أو الطفولة، أو حتى في سن أكبر.

إذا حدثت هذه التجارب فهي تظل لاصقة ومشفرة، ومخزونة في وجدان الإنسان، وقد لا يتذكر الإنسان تجربة الخوف التي سببت له هذا الرهاب؛ بمعنى آخر: هي تجربة مكتسبة، والشيء المكتسب يمكن أن يفقد من خلال التعليم المعاكس؛ ولذا علماء السلوك وجدوا أن الإنسان يجب أن يعرض نفسه لمصدر خوفه، مع منع الاستجابات السلبية، ويقصد بالاستجابات السلبية: الهروب من نقطة الخوف حين تصل إلى قمتها، ووجدوا أن التعرض المتتالي يؤدي إلى علاج طيب.

لكن أتفق معك بأن الرهبة قد تكون شديدة جدا؛ لدرجة أن الإنسان قد يدخل في حالات من الاضطراب الشديد، وكما تفضلت قد يقع في الإغماء، وإن كان هذا نادرا، والشعور بخفة الرأس يكون أحيانا مصاحبا لهذه الحالات؛ مما يعطي الإنسان التصور بأنه قد حدث له إغماء، وحقيقة لا يوجد إغماء.

أيها الفاضل الكريم: العلاج الدوائي مهم جدا في حالتك؛ لأن العلاج الدوائي سيقلل كثيرا من حدة القلق والتوتر والهرع، وهذا طبعا يمكنك تماما من التعرض؛ بمعنى آخر: التعرض ومنع الاستجابة السلبية هو العلاج الأساس، وحتى نوصلك إلى غايات العلاجات القصوى أنصحك بتناول الدواء، وأفضل دواء قد يكون هو الـ(سيبرالكس) أو الـ(سيرترالين)، وكلاهما من الأدوية الطيبة، والأدوية الجيدة والممتازة.

كذلك من الأفضل أن أصف لك الاسيتالوبرام -وهو السيبرالكس- وقد تجده تحت مسميات تجارية أخرى، الجرعة المطلوبة في حالتك هي: أن تبدأ بخمسة مليجرام -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- تتناول هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ترفعها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم ترفعها إلى عشرين مليجراما -أي حبتين في اليوم-، وهذه هي الجرعة العلاجية، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة شهرين، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا، وهذه هي الجرعة الوقائية، وأنصحك بأن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

السيبرالكس من الأدوية السليمة والفاعلة وغير الإدمانية، وله بعض الآثار الجانبية البسيطة، حيث إنه يمكن أن يفتح الشهية نحو الطعام، خاصة في الأسابيع الأول من بداية العلاج، كما أنه قد يؤدي إلى تأخر في القذف المنوي عند المعاشرة الزوجية، لكنه لا يؤدي قطعا إلى أي تأثيرات سلبية على الصحة الإنجابية عند الرجل، أو مستوى هرمون الذكورة.

إذا العلاج الدوائي في حالتك مهم، وطبعا إذا ذهبت إلى طبيب نفسي سيصف لك هذا الدواء -أو دواء غيره-، واستمر في برامج التعرض أو التعريض، مع منع الاستجابة السلبية، وعليك بالإكثار من التواصل الاجتماعي؛ ومن النشاط الاجتماعي: أن تمارس رياضة جماعية؛ ككرة القدم، وتحرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، وتذهب إلى الميادين، وتذهب إلى المتنزهات.

إذا كانت ضربات القلب متسارعة ومزعجة لك فيمكنك تناول عقار (إندرال) مثلا، بجرعة عشرين مليجراما يوميا عند اللزوم، هذا أيضا دواء طيب، وممتاز، ومفيد جدا.

دعم أيضا الخطة العلاجية بتمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة مهمة جدا، حتى إن الإنسان إذا حدثت له نوبة هرع فحين يكون ملما وعارفا بتمارين الاسترخاء -تمارين التنفس- يمكنه أن يمارسها في وقت النوبة ذاتها، وقطعا سوف تجهض تلك النوبة، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

يا أخي الكريم: الأمر بسيط جدا، وإن شاء الله تعالى سوف تزول عنك هذه الأعراض تماما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات