السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أواجه مشكلة منذ فترة كبيرة، وهي أن أكبر دافع يمكن أن يحفزني للعمل والإنتاج هو أن أرى معدوم الضمير أو الإخلاص يعمل وينتج، وفي مستوى اجتماعي أفضل مني!
المشكلة أني أصبحت أبحث عن هذه النماذج عن طريق الإنترنت حتى تقوم بتحفيزي، فكيف أواجه هذه المشكلة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
بداية: ننصحك بأن تكون أنت النجم، وأنت النموذج الذي يقلده الناس ويسيروا في ركابه، واسلك دائما طريق الناجحين، والنجاح الذي نقصده هو النجاح الشامل في العلاقة مع الله، في أداء العمل، في المحور الاجتماعي، في العلاقات مع من حولك، ابحث عن هذا النجاح الذي يوصل إلى الفلاح، بتوفيق ربنا الكريم الفتاح -سبحانه وتعالى-.
ودائما الإنسان ينبغي أن يبحث عن القدوة الأعلى، لذلك أمرنا أن نتأسى بالأنبياء، وأمرنا أن نقتدي برسولنا -صلى الله عليه وسلم-، والإنسان ينبغي أن يبحث في القدوة عن أعلاها، هذا في أمور الآخرة وأمور النجاح، وأمور الدنيا ننظر إلى من هم أقل منا حتى نعرف نعم الله علينا، حتى لا نزدري نعم الله تبارك وتعالى علينا.
إذا في أمور الدنيا الإنسان ينظر إلى من هم أقل منه، في العافية، في المال، في الولد؛ لأن هذا يدفعه إلى الشكر، وفي أمور الآخرة والأمور التي فيها نجاح وتوصل إلى الفلاح ننظر إلى من هم فوقنا، من أجل أن نتأسى بهم، كما قال الشاعر: فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلاح.
ولا نريد أن تشتغل في البحث عن نماذج فاشلة في حياتها ناجحة في عملها؛ لأن هذا نجاح منقوص، هذا الذي فهمناه من قولك (عديم الضمير أو عديم الإخلاص يشتغل وينتج، وفي المستوى الاجتماعي أفضل مني) لذلك أرجو أن تنظر إلى النماذج الكاملة، التي فيها نجاح في أمور الآخرة، في أمور الطاعة لله تبارك وتعالى، في أمور البر والأخلاق والقيم والمبادئ، وعندها أيضا نجاحات في ميادين العمل والكسب، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
ودائما أرجو أن تتأسى بالأخيار، وتضع نفسك معهم، لأن الله قال لنبيه: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم} ثم حذره من الطرف الثاني فقال: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا} فالمرء حيث يضع نفسه، فضع نفسك في الموضع الذي أراده الله لها، كرامة ورفعة وطاعة له ونجاحا في الدنيا والآخرة، نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
وأنت بحاجة إلى أن تعدل هذا التفكير وتصوبه لتحقق النجاح المزدوج، نجاح الدنيا ونجاح الآخرة، والنجاح في العلاقات الاجتماعية، والنجاح في العمل، وهو النجاح الشامل الذي فيه توازن، فإن لربك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، ولزورك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، هذا التوازن الذي هو من شريعة الله هو النجاح الذي ننشده ونسعد به.
نسأل الله أن يرزقنا جميعا النجاح، وأن يوصلنا إلى الفلاح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور أحمد الفرجابي (مستشار الشؤون الأسرية والتربوية)
وتليها إجابة الدكتور مأمون مبيض (استشاري الطب النفسي).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر تواصلك معنا بهذا السؤال الغريب نوعا ما، إلا أن الناس في ما يعشقون مذاهب كما يقال.
نعم -أخي الفاضل- يمكن للإنسان أن تحفزه أمور مختلفة متنوعة، فما يحفز إنسانا قد لا يناسبك، وما يناسبك قد لا يناسب شخصا آخر.
كنت أحب -أخي الفاضل- لو ذكرت لنا شيئا عن نشأتك وتكوينك؛ لأن هذا يمكن أن يفسر هذا الأمر الذي وصلت إليه، وهو أنك تجد الدافعية لك للعمل من خلال اطلاعك على من هو مقصر، أو كما ذكرته في رسالتك (معدوم الضمير، أو الإخلاص)، إلا أنه يعمل وينتج، نوعا ما هذا غريب في كثير من الناس، إلا إنه ليس غريبا أن الإنسان يريد أن يطلع على أناس كانوا -لا أقول معدومي الضمير-، وإنما كانوا في وضع معدم من ناحية الفقر، وعدم وجود إمكانات العطاء والإنتاج، إلا إنهم تحدوا هذه الصعوبات والتحديات، وبنوا شيئا مفيدا، أو أنتجوا أمرا نافعا.
إننا -أخي الفاضل- عندما نطلع على قصص وسير حياة من قدم وأنتج وأعطى على مدار تاريخ البشرية، نجد أناسا كثرا قد تحدوا الصعوبات، ومع ذلك أنتجوا وقدموا للبشرية ما يفيد، سواء من الناحية الفكرية، أو العلمية، أو الاقتصادية، أو الصناعية، أو غيرها، ولنا في الأنبياء خير قدوة؛ لأنهم رغم التحديات والصعوبات إلا إنهم قد قدموا للبشرية ما يفيد، وبلغوا رسالة ربهم -عز وجل-.
المهم -أخي الفاضل- أنك تجد ما يحفزك للعطاء، وبتقديري أن هذا الدافع للتحفيز من الاطلاع عما وصفتهم بعديمي الضمير والإخلاص؛ فترة مؤقتة ستتجاوزها -بإذن الله عز وجل-، أقول هذا وأنصحك أيضا بالاطلاع على ما ذكره الدكتور الشيخ أحمد الفرجابي -حفظه الله-، ففي جوابه أيضا نقاط مفيدة لك.
أدعو الله تعالى أن يفتح على يديك، وييسر أمرك، لتقدم لنا ما يفيد في مجال تخصصك، وأنت خريج جامعي، وإن كنت لم تذكر لنا نوع التخصص، إلا إني أدعو الله تعالى أن ييسر أمرك، ويشرح صدرك، لتنتج وتعطي، ولا تنسنا -أخي الفاضل- من دعوة صالحة في ظهر الغيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.