عند الخلافات أفضل الانسحاب وترك الجدال، فما توجيهكم؟

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عند حدوث مشادات كلامية بيني وبين الآخرين، والتي قد تصل إلى الشجار، ورغم كوني على حق، أجد نفسي حليما وأتنازل حتى لا يتم الاعتداء علي، فأنسحب، وأفكر أنني سوف أخسر الكثير عند المواجهة؛ لأنني قصير القامة، وطولي لا يتجاوز 160 سم.

علما أنني يمكن أن أثور لأجل الحق، ودفع الأذى عن النساء أو أي شخص آخر، وأدافع عنه بشراسة وقوة، ولكن عندما يتعلق الأمر بي لا أحرك ساكنا، بل أحسب الخسائر المترتبة على الموقف، وأكثر من ترديد بعض الأذكار، مثل: الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وأترك الأمر وأخرج بالنهاية وأنا مظلوم، وألوم نفسي بشكل كبير جدا وأقول: لماذا لم أواجه الموقف؟ ولماذا لم أرد حقي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Khaled حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يهدي شبابنا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

الأصل أن يبتعد الإنسان عن الخصام والمشاكل والقتال، سواء كان القتال بمعنى الدفاع والخصومات التي تحصل بين الزملاء، أو القتال في ميادين القتال المعروفة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمنا أن نتفادى العدو، ونسأل الله العافية، هذا هو الأصل، ولكن إذا لقيتموهم فاثبتوا، الأصل أن نتفادى المشاكل، ونتجنبها، ونتمنى عدم حصولها، وبالتالي الإنسان ينبغي أن يقدم العفو، والمسامحة، وطول البال، ويتعامل مع الناس بمنتهى اللطف والأدب، ولا يبدأ الشجار أو العنف أو الإساءة؛ لأن البادئ أظلم دائما، والله تبارك وتعالى لا يحب المعتدين.

ولكن إذا تعرض الإنسان إلى الاعتداء، فعند ذلك يمكنه أن يرد العدوان، أو أن يسامح ويعفو، وأنت من تقدر هذه الأمور، فأحيانا يكون العفو فيه المصلحة وفيه الخير، وأحيانا هناك أشخاص لا بد أن يعرفوا حدودهم، وحتى في هذه الحالة نحن نفضل أن يلجأ الإنسان للخيارات الصحيحة دائما.

والاعتداء يتم الرد عليه من الجهات الرسمية والمعنية بذلك، حفاظا على الحقوق، فنحن لسنا في غابة، فلا ينبغي للإنسان أن يأخذ حقوقه بيده؛ لأن الإنسان قد يكسر له سن فيرد العدوان فيكسر أنفا أو يتلف وجها، فيكون هذا الذي كسره أكبر بكثير ممن ظلمه، وهنا تتدخل القوانين، والشريعة هي الجهة التي تعيد الحقوق لأصحابها، متمثلة بالجهات الشرعية الرسمية، قال العظيم: {فقد جلعنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا}.

والعرب في الجاهلية كانت تقابل العدوان بما هو أشد، فجاء الإسلام بالقصاص، وهو أن يقتل القاتل فقط، يؤخذ الحق فقط دون زيادة أو نقصان، وهذا الأمر لا يطبق إلا بالسلطة التي تعيد الحقوق لأصحابها.

وفهمنا من سؤالك أنك تغضب لعرضك، وتدافع عن المستضعفين وتتحمس، وهذا دليل على نبلك وعلى وجود الخير فيك، فإن الإنسان ربما يتسامح في حق نفسه، لكن عندما تكون الإساءة للدين أو للعرض لا يستطيع؛ هكذا كان غضب الصحابة شديدا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.

ونتمنى -كما قلنا- تجنب هذه المشكلات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن نكون على الطريق الذي يرضي الله، نتجنب العدوان، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات