السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان بين أبي -رحمه الله- وبين شخص مشكلة -أبي هو الظالم والله أعلم-، وهذا الشخص دعا على أبي وعلى أولاده بالشر، وكان أبي غنيا، ولكن قبل وفاته خسر كل شيء، ونحن الآن نعاني من التعطيل في كل شيء: لا زواج، ولا عمل، ولا أولاد، ولا منزل، حتى من تتزوج، تطلق بعد مدة.
مع العلم أننا لا نعرف الرجل الذي دعا علينا، ومر على الموضوع سنوات، والآن أريد أن أفعل شيئا لتغيير حياتنا، مثل: صدقة أو نذر أو رقية.
أرجو إفادتي بحل ودعوة من القلب، وشكرا، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يصرف عنكم كل مكروه، وأن ييسر لكم أسباب الخير والسعادة.
وخير ما نوصيكم به: اللجوء إلى الله تعالى بصدق واضطرار، وإصلاح الأحوال بينكم وبين الله بالتوبة من الذنوب والمعاصي، والقيام بالفرائض، والإكثار من دعائه سبحانه وتعالى، مع الأخذ بالأسباب المادية للأرزاق، فقد قدر الله تعالى الأرزاق بأسبابها، وأمرنا بالأخذ بأسبابها.
وأحسنوا الظن بالله أنه سبحانه وتعالى قد يبتلي الإنسان بأنواع من العسر؛ لكن يعقب هذا العسر يسر كبير، وقد قال الله في كتابه: {إن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا}. والله تعالى عند ظن الإنسان به، فقد قال سبحانه في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء".
فأحسنوا ظنكم بالله أنه سيغير أحوالكم، ويبدلها إلى أفضل منها، وخذوا بالأسباب لهذا التغيير والتبديل مما ذكرناه من قبل، والصدقة سبب جالب للرزق؛ فإن الله تعالى يخلف على الإنسان بخير مما بذل، كما أن الدعاء سبب للرزق.
وأما النذر فإنه لا يجلب لك رزقا لم يقدره الله تعالى لك، فلا حاجة للنذر، والنذر معناه أن يلزم الإنسان نفسه بطاعة لم يلزمه الله تعالى بها، ولهذا كره العلماء النذر المشترط، أن يقول الإنسان: "إن فعل الله بي كذا فعلت كذا"، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن النذر لا يعجل شيئا لم يكتبه الله تعالى.
أما الرقية فإنها مجرد أذكار وأدعية تنفع مما نزل بالإنسان من مصائب ومما لم ينزل به، فتعاطي الرقية والعمل بها لا بأس به، وأفضل من يرقيك أنت نفسك، والرقية ليست إلا قراءة آيات من القرآن الكريم، وخاصة سورة الفاتحة، وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس.
قراءة هذه الآيات، ثم التفل اليسير في اليد، ومسح الجسد بها، أو قراءتها على ماء والشرب من ذلك الماء والاغتسال به؛ هذه الرقية عبارة عن أذكار، آيات من القرآن، أو أدعية يدعو بها الإنسان، ويكررها، فإنه ينتفع بذلك -إن شاء الله تعالى-.
وأما ما تتخوفين منه من أن يكون هذا الذي أصابكم كله بسبب ظلم أبيكم لهذا الرجل، فالجواب أن ما أصاب الأب يمكن أن يكون بسبب ظلمه، أما أن تحرم المرأة من الزواج بسبب ذنوب أبيها، أو تطلق من زوجها بسبب ذنوب أبيها؛ فإن هذا على خلاف ما جاءت به آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإن الله تعالى قال: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}، وقال: {كل نفس بما كسبت رهينة}.
فالقاعدة الشرعية أن كل نفس تتحمل وزرها، كما قال الله تعالى: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}، فلا هي تأخذ أجر غيرها، ولا هي تتحمل وزر غيرها.
فكونوا مطمئنين من هذا الجانب، ولو دعا إنسان مظلوم على شخص وعلى أولاده -كما تتوهمين- فإن الدعاء على غير الظالم لا يستجاب، فالله تعالى لا يستجيب من الدعاء إلا ما خلا من الإثم وقطيعة الرحم، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يستجاب لأحدكم ما لم يدعو بإثم أو قطعية رحم"، والله أخبر في كتابه الكريم بأن الاعتداء في الدعاء غير مقبول، فقال سبحانه وتعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين}.
فلا تسمحوا لهذه المشاعر أن تسيطر عليكم، وتوقعكم في أنواع من الإحباط واليأس، وأحسنوا ظنكم بالله، وخذوا بالأسباب لتغيير حياتكم، ومن أسباب الزواج التي ينبغي أن تهتموا بها: التعرف على النساء الصالحات والفتيات الطيبات، فإنهن خير من يعن على الوصول إلى قدر الله تعالى في الزواج.
نسأل الله تعالى أن يقدر لكم الخير حيث كان.