السؤال
اقتربت من الأربعين، ولم أتزوج، ولم أكمل تعليمي، ولا تعلمت حرفة في حياتي، كان أبي ثريا، وكنا نعتمد عليه، ولما توفي توفي معه كل شيء!
أنا ضائع، وأفكر في الانتحار حقيقة، ولكني أخاف ألا يغفر لي ربي بذنوبي، فكيف الخروج مما أنا فيه؟
اقتربت من الأربعين، ولم أتزوج، ولم أكمل تعليمي، ولا تعلمت حرفة في حياتي، كان أبي ثريا، وكنا نعتمد عليه، ولما توفي توفي معه كل شيء!
أنا ضائع، وأفكر في الانتحار حقيقة، ولكني أخاف ألا يغفر لي ربي بذنوبي، فكيف الخروج مما أنا فيه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشعر بما تمر به من صعاب، ونؤكد لك أن هناك الكثير من الحلول التي أنت قادر عليها، وبإذن الله تتغير حياتك، فحالة الضعف والعجز التي تمر بها، هي ما يسعى الشيطان جاهدا ليوقعك فيها، التفكير بالتخلص من الحياة هو نتيجة لاجتماع الشعور بالعجز عن التغيير مع ضعف الإيمان والعلاقة بالله تعالى، وهنا يسعى الشيطان ليزين لك أن الانتحار هو أسهل الطرق للتخلص من ألم المعاناة، وهذا الأمر لا شك أنه خطأ كبير، عوضا على حرمته الشرعية، فهناك الكثير من الحلول يمكن أن تغير حياتك؛ لو توفرت الإرادة والسعي الصادق، فأنت بحاجة إلى همة لتضع قدمك الأولى في التغيير، فالله تعالى يقول: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
وحتى تخرج من هذا الواقع، ننصحك ببعض الأمور المهمة التي لا بد من تحقيقها:
أولا: تقوية علاقتك بالله تعالى، فالقلب المتعلق بالله منشرح الصدر، قوي الإرادة، عظيم الهمة كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) رواه البخاري، فلا بد أن تصلح علاقتك بالله تعالى بالتوبة النصوح، والمبادرة إلى فعل الخيرات، والإكثار من نوافل العبادات، والدعاء والتضرع لله تعالى، حتى تخرج من حالة الضيق إلى طمأنينة الإيمان والاستقرار النفسي، يقول تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)، فإن حققت ذلك وجدت رغبة التغيير في نفسك قوية، وهمة تدفعك للخير، وبناء النفس، وتدارك ما فاتك.
ثانيا: ضع لنفسك هدفا كبيرا يسمو بروحك وعقلك وحياتك، واجتهد في السعي لتحقيقه، واجعل لك أهدافا صغيرة توصلك إلى تحقيق هذا الهدف الكبير، الأهداف الصغيرة -قصيرة المدى- تشعرك بالنجاح والإنجاز؛ مما يقوي همتك للمواصلة والاستمرار؛ كأن تضع لك أهدافا لصحتك الجسدية؛ كممارسة الرياضة، وهدفا لحفظ شيء من القرآن، وهدفا لقراءة كتاب، أو صيام يوم تطوع، أو تعلم مهارة، أو حرفة إلخ...، فعدم الإنجاز في حياتك اليومية يشعرك باللامعنى؛ وبالتالي يتسرب إليك الشعور بالضياع، وعدم وجود هدف في الحياة.
ثالثا: ضع قدمك الأولى في طريق السعي للتغيير، وتوقف عن التمني وأحلام اليقظة، فالتمني من أعظم مصائد الشيطان، قال تعالى مخبرا عن الشيطان وتوعده لبني آدم: (ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ..)، فالشيطان يريد أن يوصلك إلى العجز والقنوط حتى تصل إلى مرحلة اليأس من رحمة الله وفضله؛ لذلك لا بد أن تبادر إلى السعي دون تسويف، وأن تبذل الوسع والطاقة في الانتقال بحالك مما أنت فيه، فالله تعالى يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين).
وحتى تضع قدمك الأولى في تغيير حالك؛ ينبغي أن تراعي الأمور التالية:
- التدرج، فلا ترهق نفسك بالأعمال الكثيرة التي تتجاوز قدرتك وطاقتك، فالقليل الدائم خير من الكثير المنقطع.
- احرص على أن تبدأ بالأعمال التي تحبها وتشعر بالشغف والراحة عند ممارستها؛ كالقراءة، وممارسة الرياضة، والدعاء، والصلاة، وذكر الله تعالى إلخ...، وفي نفس الوقت ابتعد عن كل الأعمال التي تضعف قلبك، أو تبعدك عن طاعة الله، وتقربك من المعصية؛ كأصدقاء السوء، ووسائل المعاصي.
- ابحث عن رفقة صالحة تتشارك معك الاهتمامات، والسعي للبناء حتى تخرج من عالم العزلة والانطوائية.
- ضع جدولا لإنجازاتك اليومية، وما تريد تحقيقه في كل يوم، هذا يساعدك في ترتيب أولوياتك، وتحقيق العديد من الإنجازات بشكل منظم.
أخيرا: أخي العزيز انظر إلى الجانب المشرق في الحياة، حتى تعرف أن هناك جانبا آخر تجهله، كذلك انظر لمن هم أكثر مصائب وألما منك -ممن هم حولك-؛ وحينها ستشكر نعمة الله تعالى، وتعلم أن الله عندما أخذ منك شيئا فقد أعطاك أشياء أخرى، وتأكد أن الله قد جعل من سنن الحياة الأخذ بالأسباب حتى يحدث التغيير في أي شيء؛ فإذا حققت ذلك بصدق واجتهاد رأيت التغيير في كل شيء -بإذن الله تعالى-.
وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (2396489 - 2235846 - 2136740 - 2411187).
وفقك الله وسدد خطاك.