السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي أخت غير شقيقة من والدي، وتربينا بعيدا عن بعضنا، أختي تكبرني بـ 14 سنة، والمشكلة أنها متبرجة وتنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي، نصحتها كثيرا، ولكنها لا تهتم بنصائحي، فقررت مقاطعتها.
ومنذ 4 سنوات وأنا أعيش في كرب بسببها، فهل هذا بلاء يرفع الله به الدرجات، أم أن الخطأ مني؟ فأنا خائف أن أكون ديوثا ولا أشم رائحة الجنة.
جزاكم الله خيرا، ونفع بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب.
قرارك في مقاطعة أختك ليس حلا، ولكن ينبغي أن تستمر في النصيحة، وتبحث عن وسائل وطرق مختلفة لتصل إلى قلبها وتؤثر عليها، خصوصا أن هذه الفتاة من أرحامك، ولها حق يزيد عن حقوق الآخرين، ولا ينبغي أن تيأس من عدم استجابتها، وأن تبحث عن وسائل تأثير مختلفة لتقنعها بترك هذا الفعل المحرم، لذلك، ننصحك ببعض الوسائل:
أولا: مهما كان فعل أختك سيئا، لا تغلظ أو تشدد عليها، فالنصيحة في أصلها طلب الخير للمنصوح، ومن يقصد الخير لا يطلبه بالغلظة والشدة، قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}، وقال في قصة فرعون: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى}، فالرفق وإظهار محبة الخير والشفقة على المنصوح أمر مهم، يقول الرسول ﷺ: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)، فالشدة قد تسبب رد فعل عكسي، وربما تزيد من نفورها منك ومما تنصح به.
ثانيا: لقلوب الناس مفاتيح تظهر استجابتهم أكثر من خلالها، سواء في أوقات الفرح أو الحزن، أو المناسبات الاجتماعية، فابحث عن مفاتيح استجابة أختك في الأوقات أو الوسائل، مثل: الهدية، أو تحقيق شيء تتمناه، أو في مواسم الخير وإقبال النفوس، كرمضان ونحوه.
ثالثا: التدرج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا شك أن بعض السلوكيات تتأصل في نفوس البعض، ويصعب عليهم إخراجها بمجرد النصيحة لمرة أو مرتين، ولكن تحتاج لوقت، مع بيان مفاسد هذا الفعل، وشره عليها وعلى غيرها وحياتها.
رابعا: ابحث عن شخص له مكانة في نفس أختك من محارمها، كخال أو عم، أو فتاة صالحة من صديقاتها، لتقدم لها النصيحة، فقد تكون الاستجابة من شخص آخر أقرب.
أخيرا: لا شك أن شعورك بالهم والحزن جراء حال أختك، فيه تكفير للخطايا والذنوب، فقد قال رسول الله ﷺ: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) [رواه البخاري] وما دام أنك تؤدي حق النصيحة وبلغت الوسع فيها ولم تحدث استجابة، فلا إثم يعود عليك، ومع ذلك، لا بد أن تنكر قدر استطاعتك، وتكره هذا الفعل في قلبك، يقول رسول الله ﷺ: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [رواه مسلم] وإنما الإثم على من يرضى بالمنكر وهو قادر على تغييره وإنكاره، ولا تنس -أخي الكريم- الدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يهدي أختك ويشرح صدرها للخير والمعروف.
وفقك الله ويسر أمرك.