السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجتي كثيرة الصراخ، والعصبية، والشكوى، والخلافات معي، ومع أبنائنا الثلاثة، فمنذ عدة أيام اختلفت مع ابننا المراهق، وانفعل عليها، فطلبت له الشرطة، وكانت تريد عمل محضر له؛ لولا أن الضابط أصلح بينهما.
والآن الولد يقيم في بيت جده وحده، ولا يريد العودة إلى المنزل، ويرفض التواصل معها نهائيا، فهل يأثم على هذا الفعل؟ وما العمل مع هذه الزوجة الظالمة، والمفترية علي وعلى أبنائي؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Selim حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يصلح زوجتك، ويديم المودة والألفة بين أفراد الأسرة جميعا، وأن يصلح أولادك، ويعينهم على بر الوالدين.
ثانيا: بالنسبة لحق الأم على ولدها: فمعلوم من الأحاديث النبوية الصحيحة، والآيات القرآنية عظم حق الوالدين على الولد، وللأم مزيد تأكيد، ولحقها مزيد قوة، فقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ فأجاب ثلاث مرات (أمك، ثم أمك، ثم أمك)، وفي الرابعة قال: (ثم أبوك)، وهذا يدل على عظيم حق الأم، وأن حقها أعظم من حق الأب؛ وذلك مكافأة لها فيما عانته وقاسته من الآلام والمتاعب في حملها، ووضعها، وتربيتها، وغير ذلك من الأعمال التي تقوم بها الأم مع ولدها.
وقد أمر الله تعالى الولد بصحبة الوالدين بالمعروف في أسوأ حالات تعاملهما معه، فقال سبحانه وتعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}، فأمر بمصاحبتهما بالمعروف، حتى مع مجاهدتهما للولد بأن يكفر بالله، ومعلوم أنه إذا كفر بالله صار من أهل النار المخلدين فيها. فإذا كان الوالد أبا أو أما يجاهد ولده ليكون من أصحاب النار المخلدين، ومع ذلك أمر الله تعالى بصحبتهما بالمعروف، مع عدم طاعتهما في المنكر، فهذا يبين لنا حدود تعامل الولد مع أمه.
فالواجب عليه أن يصبر عليها، ولا يجوز له بحال أن يقطع صلتها، والهجران الذي جاءت به الشريعة وبالإذن به ثلاثة أيام؛ هذا كله في حق غير الوالدين، أما الوالد فلا يجوز للولد أن يهجره.
وبهذا تدرك -أيها الحبيب- أن ولدك يجب عليه أن يتواصل مع أمه، ولا يجوز له أبدا أن يرفض الاتصال بها، وأنه إذا أصر على هذا فإنه آثم بلا شك، فالواجب عليكم أن تنصحوه وتأمروه بالمعروف وتنهوه عن المنكر، وتذكروه بعظم الثواب لمن قام بفرض الله تعالى عليه في بر والديه، ولو كان قد أساء إليه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الوالد أوسط أبواب الجنة"، يعني أفضل أبواب الجنة، وقال عن الأم: "الزمها فإن الجنة عند قدمها".
فينبغي أن يذكر هذا الولد بهذه المعاني، وأن يبين له أنه لا يجوز له أن يهجر أمه لهذا السبب، وإن كانت الأم ظالمة، فإنها تبوء بإثمها، وينبغي له أن يسامحها، ويتجاوز عنها.
نسأل الله تعالى أن يوفقكم جميعا لكل خير.