السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي أمر لا أستطيع أن أتخذ فيه قرارا، وأحتاج لمشورتكم.
تقدمت لخطبة فتاة متدينة، وقد أعجبني فيها تدينها، إلا أني علمت منها بأنها ترغب بحضور حفل زواج أحد أقاربنا متبرجة بوضع مساحيق التجميل في وجهها، مع التزامها بالحجاب وستر شعرها؛ بحجة أن كل بنات عمها ومن هن في محيطها سيفعلن ذلك.
ستكون هذه المناسبة بعد أسبوع، إلا أني قلت لها: إن خرجت متزينة فكل منا يذهب في حاله؛ لأني أرى أن هذا انسلاخا عن المبادئ.
السؤال: هل أتركها إن خرجت متبرجة؟ أو ماذا أفعل؟
أرجو منكم التوجيه والإرشاد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يصلح الأحوال.
قد أحسنت في حرصك على أن تكون الفتاة التي خطبتها ملتزمة بالحجاب الشرعي، نسأل الله أن يعينها على الطاعة، وأن يلهمها السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ولكننا لا نؤيد التسرع في الحكم، أو افتعال المشاكل في مثل هذه الأمور؛ لأن الأفضل أن تقدم النصح، والإرشاد بالنسبة لها، ثم ينبغي أن تنظر في حال الفتاة عامة، في تدينها بالمعنى الصحيح، ولا شك أن الحجاب أساس وعنوان لهذا التدين، بل من الأسس التي يقوم عليها تدين الفتاة -أن تلتزم بحجاب ربها-.
ولكن الأمر قد يحتاج منك إلى نظرات أعمق، ويحتاج منك إلى تكرار النصح والإرشاد لها، وفرق كبير بين أن تكون الفتاة مخطوبة، وبين أن تكون معقودا عليها وزوجة عند زوجها، وقد أحسنت بالتنبيه والتوجيه، لكن أعتقد أننا لا نستطيع أن نؤيد اتخاذ قرار بهذا المستوى، خاصة إذا علمت أن فيها تدينا؛ ولأجل ذلك خطبتها، وتقدمت لخطبتها.
ويؤسفنا أن بعض المتدينات في بعض بلاد المسلمين، وفي كثير من الحواضن الاجتماعية تتأثر ببيئتها، وبمن حولها، وهذا يحتاج إلى مزيد من النصح والتذكير بأن الحجاب طاعة لله تبارك وتعالى، وأن الأمر فيه ليس أمر مجاملة، أو أمرا اختياريا إذا شاءت أن تحتجب أو لا، أو تحتجب هنا ولا تحتجب في المكان الثاني، وهذه الأمور تحتاج إلى توضيح وبيان.
نتمنى أن تستجيب الفتاة لطلبك، والذي هو أمر وطلب من هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله به، ولكن في نفس الوقت لا نؤيد أن يكون القرار بهذه السرعة، طبعا من حقك أن تتركها ومن حقها أن تتركك، وأنتما في مرحلة الخطبة، وهي مرحلة اختبار، وكل طرف من حقه أن يتعرف الصفات التي يمكن أن تعينه على الاستمرار والاستقرار؛ ولذلك أرجو أن تعطي نفسك فرصة، وتتمهل في هذا الأمر، وتنظر حتى تأتي هذه المناسبة، ثم بعد ذلك تناقش أبعاد ما حصل، فإن التزمت فهذا ما نريده، بل هذا ما يريده الشرع، وإن حصل منها تجاوز فأرجو مناقشة ذلك التجاوز، ومحاولة دعوتها إلى تصحيح مسارها، والتوبة إلى الله تبارك وتعالى، ولا مانع من أن تشترط أنك لن تكمل المشوار، إلا إذا تأكدت من التزامها بقواعد الشرع.
ونحب أن ننبه إلى أن كثيرا من الفتيات في مرحلة الخطبة لا تخضع لزوجها؛ لوجود تأثير من عائلتها، وأسرتها، كما أن بعض الناس -بكل أسف وجهل- يعتقد أن الخاطب بهذه الطريقة كأنه يريد أن يتحكم، ويريد كذا، وتدخل هذه الوساوس الشيطانية من هنا وهناك، فتترك آثارا، وتشوش على وعي الفتيات والتزامهن؛ ولذلك نتمنى أن تتابع هذا الأمر مع موقعك؛ حتى ندرس معك الوضع كاملا.
ونسأل الله أن يعينك على اتخاذ القرار الصحيح، والذي أتمنى أن لا يكون فيه استعجال؛ لأن الإنسان في هذه الأحوال ينبغي أن ينظر للتدين بصورة شاملة، ولكل الفرص المتاحة، وينظر إلى البيئة الموجودة فيها الفتاة، إلى غير ذلك من الأمور التي لها علاقة باتخاذ مثل هذه القرارات.
نسأل الله لنا ولك التوفيق، وزادك الله حرصا وخيرا.